وقيل:{بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ} علَّمناكم من بعد جهلكم.
فصل في اختلافهم في تكليف من بعث بعد موته
قال المَاوَرْدِيّ: اختلف في بقاء تكليف من أعيد بعد موته، ومُعَاينة الأحوال المضطرة إلى المعرفة على قولين:
أحدهما: بقاء تكليفهم لئلا يَخْلُو عاقل من تعبد.
الثاني: سقوط تكليفهم معتبراً بالاستدلال دون الاضطرار.
والأول أَصَحّ، لقوله تعالى {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ، ولفظ: الشكر يتناول جميع الطاعات، لقوله تعالى:{اعملوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً}[سبأ: ١٣] .
فإن قيل: كيف يجوز أن يكلفهم وقد أماتهم، ولو جاز ذلك جاز تكليف أهل الآخرة بعد البعث؟
فالجواب: أنّ الذي منع من تكليف أهْل الآخرة ليس هو الإماتة ثم الإحْياء، وإنما المانع كونه اضطرهم يوم القِيَامةَةِ إلى معرفته لَذَات الجَنّة، وآلام النَّار، وبعد العلم الضروري لا تكليف، وإذا كان كذلك، فيكون مَوْتُ هؤلاء بمنزلة النَّومَ والإغماء.