أبْلَغْتُكُم» ولا يجُوزُ أن يُدَّعى فيه الالتفات، إذ هو ركاكةٌ في التَّركيب، وقد جوَّز ذلك ابنُ عطية فقال: «ويُحْتَمل أن يكون» تَولَّوا «ماضياً، ويجيءُ في الكلام رجوعٌ من غيبةٍ إلى خطابٍ» .
قال شهابُ الدِّين: «ويجُوزُ أن يكون ماضياً لكن لمَدْرَكٍ آخر غير الالتفات: وهو أن يكون على إضمار القولِ، أي: فقل لهم: قد أبْلَغْتَكم، ويترجَّح كونه بقراءة عيسى الثقفي والأعرج» فإن تُولُّوا «بضمِّ التَّاءِ واللام، مضارع» ولَّى «، والأصل: تُوَلِّيُوا فأعِلّ.
وقال الزمخشريُّ:» فإن قلت: الإبلاغ كان قبل التَّولِّي، فكيف وقع جزاءً للشَّرْطِ؟ .
قلت: معناه، وإن تتولَّوا لم أعاتِبْ على تفريط في الإبلاغ، وكنتم محجوبين بأنَّ ما أرسلتُ به إليكم قد بلغكم فأبيتم إلَاّ التَّكذيب «.
قوله:» وَيَسْتَخْلِفُ «العامَّةُ على رفعه استئنافاً. وقال أبو البقاءِ: هو معطوفٌ على الجوابِ بالفاءِ. وقرأ عبد الله بن مسعودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - بتسكينه، وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون سُكِّن تخفيفاً لتوالي الحركات.
والثاني: أن يكون مجزوماً عطفاً على الجواب المقترن بالفاءِ، إذ محلُّه الجزمُ وهو نظيرُ قوله: {فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} [الأعراف: ١٨٦] وقد تقدَّم تحقيقه، إلَاّ أنَّ القراءتين ثمَّ في المتواتر.
والمعنى: إن تتولوا أهلككم الله، ويستبدلُ قوماً غيركم أطوع منكم يُوحِّدُونه ويعبدُونهُ.
قوله:» ولا تَضُرُّونهُ «العامَّةُ: على النُّون؛ لأنَّه مرفوعٌ على ما تقدم، وابن مسعودٍ بحذفها، وهذا يُعيِّن أن يكون سكونُ» يَسْتَخْلف «جزماً ولذلك لم يذكر الزمخشريُّ غيره؛ لأنَّهُ ذكر جزم الفعلين، ولمَّا لم يذكر أبو البقاءِ الجزم في» تَضُرُّونَهُ «جوَّز الوجهين في» يَسْتَخْلف «.
و «شيئاً» مصدرٌ، أي: شيئاً من الضَّرر.
والمعنى: أنَّ إهلاككم لا ينقصُ من ملكه شيئاً، لأنَّ وجودكم وعدمكم عنده سواء.
وقيل: لا تضرونهُ شيئاً بتوليكم وإعراضكم، إنما تضرُّون أنفسكم {إِنَّ رَبِّي على كُلِّ