للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: «لمَّا أمهلهم ثلاثة أيَّام، قالوا وما علامةُ ذلك؟ قال: تصبحوا في اليوم الأوَّلِ وجوهكم مصفرة، وفي اليوم الثاني مُحْمَرة وفي اليوم الثالث مسودة، ثم يأتيكم العذابُ في اليوم الرَّابع فكان كما قال» .

فإن قيل: كيف يُعقل أن تظهر هذه العلامات مطابقة لقول صالحٍ، ثم يبقون مصرين على الكفر؟ فالجواب: ما دامت الأمارات غير بالغة إلى حدِّ اليقينِ لم يمتنع بقاؤهم على الكفر وإذا صارت يقينيَّة قطعيَّة، فقد انتهى الأمرُ إلى حدِّ الإلجاء، والإيمان في ذلك الوقت غير مقبول.

قوله {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا} أي: عذابنا، وتقدَّم الكلامُ على مثله.

قوله: {ومِنْ خِزْيِ} متعلِّقٌ بمحذوفٍ، أي: ونجَّيْنَاهم من خزي. وقال الزمخشريُّ: فإن قلت: علام عطف؟ قلت: على «نَجَّيْنَا» ؛ لأنَّ تقديره: ونجَّيناهم من خزي يومئذٍ كما قال: {وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [هود: ٥٨] أي: وكانت التنجيةُ من خزي. وقال غيرهُ: «إنَّه متعلقٌ ب» نَجَّيْنَا «الأول» .

وهذا لا يجُوزُ عند البصريين غير الأخفش؛ لأنَّ زيادة الواو غيرُ ثابتة.

وقرأ نافعٌ والكسائيُّ بفتح ميم «يومئذٍ» على أنَّها حركةُ بناءٍ لإضافته إلى غير متمكن؛ كقوله: [الطويل]

٢٩٨٢ - عَلَى حينَ عَاتَبْتُ المشيبَ على الصِّبَا ... فقُلْتُ ألمَّا أصْحُ والشَّيبُ وَازعُ

وقرأ الباقون: بخفض الميم.

فمن قرأ بالفتح فعلى أنَّ «يَوْم» مضاف إلى «إذْ» ، و «إذْ» مبني، والمضاف إلى المبني يجوزُ جعله مبنياً، ألا ترى أنَّ المضاف يكتسب من المضاف إليه التعريف فكذا ههنا، وأمَّا الكسرُ: فالسَّبب فيه أنَّهُ يضاف إلى الجملة من المبتدأ والخبر، تقولُ: «جئتك إذ الشَّمس طالعة» ، فلمَّا قطع عنه المضاف إليه نون ليدل التنوين على ذلك ثمَّ كسرت الذَّال لسكونها وسكون التنوين.

وأما قراءةُ الكسر فعلى إضافة «الخِزْيِ» إلى «اليوم» ، ولم يلزم من إضافته إلى المبني أن يكون مبنيّاً لأنَّ إضافته غير لازمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>