والثاني: أنَّه خبر مبتدأ محذوف أي: أمْرِي أو قَوْلِي سلام.
وقد تقدَّم أنَّ الرفع أدلُّ على الثُّبوتِ من النَّصْبِ [الفاتحة: ٢] ، والجملة بأسرها - وإن كان أحد جزأيها محذوفاً - في محلِّ نصب بالقول؛ كقوله:[الطويل]
وقال الفارسي:» السِّلْم «بالكسر ضد الحربِ، وناسبَ ذلك لأنَّهم لمَّا امتنعوا من تناول ما قدَّمهُ إليهم، أنكرهم، وأوجس منهم خيفة، فقال: أنا سِلْم، أي: مُسَالمكم غيرُ محارب لكم، فلم تمتنعوا من تناول طعامي؟
قال ابنُ الخطيب - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وهذا بعيدٌ؛ لأنَّ على هذا التقدير ينبغي أن يكون تكلُّم إبراهيم - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - بهذا اللفظ بعد إحضار الطَّعام، والقرآن يدل على أنَّ هذا الكلام قبل إحضار الطَّعام؛ لأنَّه تعالى قال:{قَالُواْ سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} والفاءُ للتَّعقيب، فدلَّ على أنَّ مجيئَهُ بالعجل الحنيذِ بعد السَّلام.
فصل
أكثر ما يستعمل «سلامٌ عليكم» منكّراً؛ لأنَّهُ في معنى الدُّعاءِ كقولهم: خير بين يديك.