وهو أنَّ المنصوب على المدح لفظٌ والمنصوبُ على الاختصاصِ لا يكونُ إلا لمدحٍ، أو ذمٍّ، لكن لفظه لا يتضمَّنُ بوضعه المدحَ، ولا الذَّم؛ كقوله: [الرجز]
٢٩٩٤ - بِنَا تَمِيماً يُكْشَفُ الضَّبَابُ ... كذا قاله أبو حيَّان، واستند إلى أنَّ سيبويه جعلهما في بابين، وفيه نظرٌ. ثم قال: إنه حميدٌ مجيدٌ، فالحميد: المحمود، والمجيدُ: فعيل، مثال مبالغة من مَجَد يَمْجُد مَجْداً ومَجَادَة، ويقال: مَجُد ك: شَرُف وأصله: الرِّفْعَة.
وقيل: من مَجَدتِ الإبلُ تَمْجُدُ مَجَادَةً ومَجْداً، أي: شَبِعَتْ؛ وأنشدوا لأبي حيَّة النَّمَيْرِي: [الوافر]
٢٩٩٥ - تَزيدُ على صواحبها وليْسَتْ ... بِمَاجِدةِ الطَّعامِ ولا الشَّرابِ
[أي] : ليست بكثيرة الطَّعام ولا الشَّرابِ.
وقيل: مَجَد الشَّيءُ: أي: حَسُنَتْ أوصافُهُ.
وقال الليثُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «أمْجَدَ فلانٌ عطاءهُ ومجَّدهُ أي: كثَّرَهُ» .
والمجيدُ: المَاجدُ، وهو ذُو الشَّرفِ والكرمِ.
قوله: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الروع} ، أي: الفزعُ؛ قال الشَّاعرُ: [الطويل]
٢٩٩٦ - إِذَا أخَذَتْهَا هِزَّةُ الرَّوْعِ أمْسَكَتْ ... بِمَنْكِبِ مِقدامٍ على الهَوْلِ أرْوَعَا
يقال: رَاعَهُ يَرُوعُه، أي: أفزعهُ؛ قال عنترةُ: [الكامل]
٢٩٩٧ - ما رَاعَنِي إِلَاّ حَمُولةُ أهْلِهَا ... وسْطَ الدِّيارِ تَسَفُّ حبَّ الخِمْخِمِ
وارتاع: افتعل منه؛ قال النابغة: [البسيط]
٢٩٩٨ - فارْتَاعَ مِنْ صَوْتِ كلَاّبٍ فَبَاتَ لَهُ ... طَوْعَ الشَّوامِتِ مِنْ خَوْفٍ ومِنْ صَرَدِ
وأمَّا الرُّوعُ - بالضمِّ - فهي النَّفْسُ لأنَّها محلُّ الرَّوْعِ. ففرَّقُوا بين الحالِّ والمَحَلِّ؛ وفي الحديث: «إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي» .
قوله: {وَجَآءَتْهُ البشرى} عطف على «ذَهَبَ» ، وجوابُ «لمَّا» على هذا محذوفٌ