قوله: «مِنْ حقٍّ» يجوز أن يكون مبتدأ، والجارُّ خبره، وأن يكون فاعلاً بالجارِّ قبله لاعتماده على نفي، و «مِنْ» مزيدةٌ على كلا القولين.
قوله: «ما نُرِيدُ» يجُوزُ أن تكون «ما» مصدرية، وأن تكون موصولة بمعنى «الَّذي» . والعلم عرفانٌ؛ فلذلك يتعدَّى لواحدٍ أي: لتعرف إرادتنا، أو الذي نريده. ويجوزُ أن تكون «ما» استفهامية، وهي معلقة للعلم قبلها.
والمعنى: إنك لتعلم ما نريد من إتيان الرِّجال.
قوله: «لَوْ أنَّ» جوابها محذوفٌ تقديره: لفعلتُ بكم وصنعتُ كقوله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ} [الرعد: ٣١] قوله: «أَوْ آوِي» يجوز أن يكون معطوفاً على المعنى، تقديره: أو أنِّي آوي، قاله أبُو البقاءِ ويجوزُ أن يكون معطوفاً على «قُوَّةً» ؛ لأنه منصوبٌ في الأصل بإضمارِ أن فلمَّا حذفت «أنْ» رفع الفعلُ كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ} [الروم: ٢٤] .
واستضعف أبو البقاءِ هذا الوجه بعدم نصبه. وقد تقدَّم جوابه. ويدلُّ على اعتبار ذلك قراءةُ شيبة، وأبي جعفر: «أوْ آوِيَ» بالنصب كقوله: [الطويل]
٣٠٠٢ - ولوْلَا رجالٌ منْ رِزَامٍ أعِزَّةٍ ... وآلُ سُبَيْعٍ أو أسُوءكَ عَلْقَمَا
وقولها: [الوافر]
٣٠٠٣ - للُبْسُ عَبَاءَةٍ وتقرَّ عَيْنِي ... أحَبُّ إليَّ من لُبْسِ الشُّفُوفِ
ويجوز أن يكون عطف هذه الجملةِ الفعلية على مثلها إن قدَّرت أنَّ «أنَّ» مرفوعة بفعل مقدرٍ بعد «لَوْ» عند المبرد، والتقدير: ول يستقر - أو يثبت - استقرار القوة أوْ آوي، ويكون هذان الفعلان ماضيي المعنى؛ لأنَّهما تقلب المضارع إلى المُضيِّ.
وأمَّا على رأي سيبويه في كون أنَّ «أنَّ» في محلِّ الابتداء، فيكون هذا مستأنفاً.
وقيل: «أوْ» بمعنى «بل» وهذا عند الكوفيين.
و «بِكُمْ» متعلق بمحذوفٍ؛ لأنه حالٌ من «قُوَّة» ، إذ هو في الأصلِ صفةٌ للنكرة، ولا يجوزُ أن يتعلق ب «قُوَّةً» لأنها مصدرٌ.
والرُّكْنُ بسكون الكافِ وضمها الناحية من جبلٍ وغيره، ويجمع على أركان وأرْكُن؛ قال: [الرجز]
٣٠٠٤ - وَزَحْمُ رُكْنَيْكَ شَدِيدُ الأرْكُنِ ...