للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ التي يَدْعُونَ مِن دُونِ الله مِن شَيْءٍ} أي: ما نفعتهم تلك الآلهة في شيء ألبتة.

قوله: {لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ} أي: عذاب ربك.

قال الزمخشريُّ: «لمَّا» منصوب ب «أغْنَتْ» وهو بناءً منه على أنَّ «لمَّا» ظرفية.

والظَّاهر أنَّ «مَا» نافية، أي: لم تُغْن. ويجوز أن تكون استفهاميةً، و «يَدْعُونَ» حكاية حال، أي: التي كانُوا يدعُون، و «مَا زادُهُمْ» الضًَّميرُ المرفوع للأصنام، والمنصوبُ لعبدتها وعبَّر عنهم بواو العقلاء؛ لأنهم نزَّلُوهم منزلتهم.

والتَّتبِيْتُ: التَّخسيرُ، يقالُ: تبَّ الرجلُ غيره إذا أوقعه في الخسران. يقال تَبَّبَ غيره وتبَّ هو بنفسه، فيستعمل لازماً ومتعدياً، ومنه «تَبَّتْ يدا أبيِي لهبٍ وتبَّ» .

وتَبَّيْتُهُ تَتْبِيباً، أي: خسَّرته تَخْسِيراً قال لبيدٌ:

٣١٠٥ - ولقَدْ بَلِيتُ وكُلُّ صاحبِ جدَّةٍ ... لِبِلًى يعُودُ وذاكُمُ التَّتْبِيبُ

وقيل: التَّتْبيب: التَّدْمير. والمعنى: أنَّ الكفار يعتقدون في الأصنام أنها تنفعُ وتدفع المضار، ثم أخبر أنَّهُم عند الحاجِة إلى المُعين ما وجدُوا فيها شيئاً لا جلب نفعٍ، ولا دفع ضرٍر، وإنَّما وجدُوا ضدَّ ذلك، وهذا أعظم الخسران.

قوله: {وكذلك} خبرٌ مقدَّم، و «أخْذُ» مبتدأ مؤخر، والتقدير: ومثلُ ذلك الأخْذِ أي: أخْذِ الله الأمم السَّالفة أخذُ ربك.

و «إذا ظرفُ متحِّض، ناصبه المصدر قبله، وهو قريبٌ من حكاية الحالِ، والمسألةُ من بابِ التنازع فإنَّ الأخذ يطلب» القُرَى «، و» أخْذ «الفعل أيضاً يطلبها، وتكون المسألة من إعمال الثاني للحذف من الأوَّلِ.

وقرأ عاصمٌ وأبو رجاء والجحدريُّ» أَخَذَ ربك، إذا أخذَ «جعلهُما فعلين ماضيين، و» رَبُّك «فاعل وقرأ طحلةُ بن مصرف كذلك إلَاّ أنَّهُ ب» إذَا «.

قال ابن عطيَّة وهي قراءةٌ متمكنة المعنى، ولكن قراءة الجماعةِ تُعْطِي الوعيد، واستمراره في الزَّمانِ، وهوالباب في وضع المستقبل موضع الماضي.

وقوله:» وهِيَ ظالمةٌ «جملةٌ حاليّة. والضميرُ في» وهِيَ ظالمةٌ «عائد إلى القُرَى، وهو في الحقيقة عائد إلى أهلها، كقوله: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} [الأنبياء: ١١] {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} [القصص: ٥٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>