«روى أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: خرجناعلى جنازة، فبينما نحنُ بالبقيع إذْ خرج رسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وبيده مخصرةٌ، فجاء، فجلس، ثم نكت بها الأرض ساعة، ثم قال:» ما مِنْ نفس منفُوسةٍ إلَاّ قد كُتِبَ مكانُها من الجنّة، أو النَّار، وإلَاّ قد كُتبتْ شقيَّةً، أو سعيدةً «قال: فقال رجلٌ: أفلا نتكلُ على كتابنا يا رسول الله وندعُ العمل؟ قال:» لا، ولكن اعملوا فكُلٌّ ميسرٌ لما خلق لهُ، وأمَّا أهلُ الشقاء فسييسرون لعمل أهل الشقاء، وأمَّا أهلُ السَّعادة فسييسرون لعمل أهل السعادة «
قوله:{فَأَمَّا الذين شَقُواْ} الجمهورُ على فتح الشين؛ لأنَّهُ من «شَقى» فعلٌ قاصر وقرأ الحسن بضمها فاستعمله متعدِّياً، فيقال: شقاهُ الله، كما يقالُ: أشقاء الله وقوله: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ} في هذه الجملة احتمالان:
أحدهما: أنَّها مستأنفةٌ، كأنَّ سائلاً سأل حين أخبر أنَّهُم في النَّار: ماذا يكون لهم؟ فقيل: لهم كذا.
والثاني: أنها منصوبةُ المحلِّ، وفي صاحبها وجهان:
أحدهما: أنَّهُ الضميرُ في الجرِّ والمجرور وهي «فَفِي النَّار» .
الثاني: أنها حالٌ من «النَّار» و «الزَّفير» بمنزلة ابتداء صوت الحمار، والشّهيق «آخره قال رؤبة:[الرجز]
٣٠١٨ - حَشْرَجَ في الصَّدْرِ صَهِيلاً أوْ شَهَقْ ... حتَّى يُقالَ نَاهِقٌ وما نَهَقْ
وقال ابن فارس: الزَّفيرُ ضد الشَّهيق؛ لأنَّ الشَّهيق ردُّ النَّفَس والزَّفير: إخراجُ النَّفس من شدَّة الحزنِ مأخوذة من الزَّفْرِ وهو الحِمْل على الظَّهْرِ، لشدَّته.