هذه الآية الكريمة ممَّا تكلم النَّاس فيها وحديثاً، وعسر على أكثرهم تلفيقها وتخريجاً فقرأ نافع وابن كثير وأبو بكر عن عاصم «وإنْ» بالتخفيف، والباقون بالتشديد. وأمَّا «لمّا» فقرأها مشدَّدةً هنا وفي «يس» وفي سورة الزخرف، وفي سورة الطارق، ابن عامر وعاصمٌ وحمزة، إلَاّ أنَّهُ عن ابن عامر في الزخرف خلافاً، فروى عنه هشامٌ وجهين، وروى عنه ابن ذكوان التخفيف فقط، والباقون قرءوا جميع ذلك بالتخفيف، وتلخَّص من هذا أنَّ نافعاً وابن كثير قرأ «وإنْ» و «لمَا» مخففتين، وأنَّ أبا بكر عن عاصم خفَّف «إنْ» وثقَّل «لمَّا» وأنَّ ابن عامر وحمزة حفصاً عن عاصم شدَّدُوا «إنَّ» و «لمَّا» معاً، وأن أبا عمرو والكسائي شدَّدَا «إنَّ» وخففا «لما» فهذه أربعُ مرات للقراءة في هذين الحرفين، هذا في المتواتر.
وأمَّا في الشَّاذ فقد قرئ أربعُ قراءاتٍ أخر:
إحداهما: قراءة أبي والحسن وأبان بن تغلب «وإنْ كلٌّ» بتخفيفها، ورفع «كل» ، و «لمَّا» بالتشديد.
الثانية: قراءة اليزيدي وسليمان بن أرقم «لمَّا» مشددة منونة، لمْ يتعرَّضُوا لتخفيف «إنَّ» ولا تشديدها.
الثالثة: قراءة الأعمش وهي في حرف ابن مسعود كذلك: «وإنْ كلٌّ» بتخفيف «إن» ورفع «كل» .
الرابعة: قال أبو حاتم: الذي في مصحف أبي «وإنْ من كلّ إلَاّ ليُوفِّينهُمْ» وقد اضطرب الناسُ فيه اضطراباً كثيراً، حتى قال أبو شامة وأمّا هذه الآية فمعناها على هذه القراءات من أشكل الآيات؛ قال شهاب الدين فأمَّا قراءةُ الحرميين ففيها إعمال «إن» المخففة، وهي لغةٌ ثانيةٌ عن العرب. قال سيبويه: «حدَّثنا من نثقُ به أنَّه سمع من العرب