للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم: اللَاّمُ الأولى هي الموِّطئة للقسم، ولمَّا اجتمع اللَاّمان واتفقا في اللفظ فصل بينهما ب «ما» ، كما فصل بالألف بين النُّونين في «يَضْربانِّ» وبين الهمزتين؛ نحو: آأنْت، فظاهرُ هذه العبارة أنَّ «ما» هنا زائدٌ جيء بها للفصل، إصلاحاً للفظ، وعبارةُ الفارسي مؤذنةٌ بهذا، إلَاّ أنَّهُ جعل اللَاّم الأولى لام «إنْ» فقال: العُرْفُ أن تدخل لام الابتداء على الخبرِ، والخبرُ هنا هو القسمُ، وفيه لامٌ تدخل على جوابه، فلمَّا اجتمع اللَاّمان، والقسمُ محدوفٌ واتفقا في اللفظ وفي تلقي القسم، فصلوا بينهما ب «مَا» كما فصلُوا بين «إنَّ» واللَاّم وقد صرَّح الزمخشريُّ بذلك فقال: واللَاّم في «لما» موطئةٌ للقسم، و «ما» مزيدةٌ.

وقال أبُو شامة: واللَاّمُ في «لما» هي الفارقةُ بين المخفَّفةِ من الثقيلة والنَّافية. وفي هذا نطرٌ؛ لأنَّ الفارقة إنَّما يؤتى بها عند التباسها بالنَّافية، والالتباسُ إنَّما يجيءُ عند إهمالها؛ نحو: إن زيدٌ لقائمٌ وهي في الآية الكريمة معملةٌ، فلا التباسَ بالنَّافية، فلا يقال: إنَّها فارقةٌ.

فتلخص في كلِّ من «اللَاّم» ، و «ما» ثلاثة أوجه:

أحدهما: في اللام أنها للابتداء الدَّاخلةِعلى خبر «أن» .

الثاني: لام موطئة للقسم.

الثالث: أنها جواب القسم كررت تأكيداً. وأحدهما في «ما» : أنها موصولة. الثاني: أنها نكرة الثالث: أنها مزيدة للفصل بين اللَاّمين. وأمَّا قراءة أبي بكر ففيها أوجه:

أحدهما: قولُ الفرَّاءِ وجماعة من نحاة البصرة، والكوفة، وهو أنَّ الأصل «لمِنْ مَا» بكسر الميم على أنَّها «مِنْ» الجارة، دخلت على «ما» الموصولة، أو الموصوفة، كما تقرَّر، أي: لمن الذين الله ليوفِّينَّهُم، أو لمنْ خلقٍ والله ليوفِّينَّهُمْ، فلمَّا اجتمعت النونُ ساكنة قبل ميم: «ما» وجب إدغامها؛ فقُلبتُ ميماً وأدغمت، فصار اللفظ اللفظ ثلاثة أمثال، فخففت الكلمة بحذف إحداها، فصار اللفظ كما ترى «لمَّا» قال نصر بن علي الشيرازي: «وصل» مِنْ «الجارَّة ب» مَا «فانقلبت النُّونُ أيضاً ميماً للإدغام، فاجتمعت ثلاثُ ميمات، فحذفت إحداهُنَّ فبقى» لمَّا «بالتشديد» . قال: و «ما» هنا بمعنى «مَنْ» وهو اسمٌ لجماعة النَّاسِ، كما قال تعالى: {فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء} [النساء: ٣] أي: من طاب، والمعنى: وإنْ كلاًّ من الذين ليوفينَّهم ربُّك أعمالهم، أو جماعة ليوفِّينَّهُم ربُّك أعمالهم.

وقد عيَّن المهدويُّ الميم المحذوفة فقال: «حذفت الميم المكسورة، والتقدير: لمنْ خلق ليوفينَّهم» .

الثاني: قول المهدويّ ومكي: أن يكون الأصل: «لمَنْ مَا» بفتح ميم: «مَنْ» على أنَّها موصولة، أو موصوفة، و «ما» بعدها مزيدةٌ، قال: فقلبت النون ميماً، وأدغمت في الميم

<<  <  ج: ص:  >  >>