للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنَّها مصدرٌ بمعنى البقوى قال الزمخشريُّ ويجوزُ أن تكون البقيَّة بمعنى البَقْوَى كالتقيَّة بمعنى التَّقوى، أي: فهلا كان منهم ذوو إبقاءٍ على أنفسهم، وصيانةٍ لها من سخطِ الله وعقابه. والمعنى: فهلاّ كان منهم أولوا مراقبة وخشية من انتقام الله.

وقرأت فرقةٌ «بَقِيَة» بتخفيفِ الياءِ، وهي اسمٌ فاعل من بقي ك: شَجِيَة من شَجِي، والتقدير أولُوا طائفةِ بقيةِ أي: باقية وقرأ أبو جعفرٍ وشيبة «بُقْية» بضمِّ الفاء وسكون العين.

وقُرِئَ «بَقْيَة» على المرَّة من المصدر. و «فِي الأرْضِ» متعلقٌ بالفسادِ، والمصدرُ المقترن ب «أل» يعمل المفاعيل الصريحة فكيف في الظروف؟ ويجوزُ أن يتعلَّق بمحذُوفٍ عل أنه حالٌ من «الفَسادِ» .

فصل

المعنى: فهلَاّ «كان مِنَ القُرونِ» التي أهلكناهم، «مِن قَبْلكُمْ» أولُوا تمييز وقيل: أولُوا طاعة وقيل: أولُوا خير، يقال: فلانٌ على بقيَّةٍ من الخير إذا كان على خصلة محمودة. و «ينْهَوْنَ عن الفسادِ في الأرضِ» أي: يقُومُون بالنَّهْي عن الفسادِ، ومعناه جحداً، أي: لم يكن فيهم أولُو بقية.

قوله: {إِلَاّ قَلِيلاً} فيه وجهان:

أحدهما: أن يكون استثناء منقطعاً؛ وذلك أن يحمل التخضيض على حقيقته، وإذا حُمل على حقيقته تعين أن يكون الاستثناءُ منقطعاً لئلَاّ يفسد المعنى.

قال الزمخشريُّ: معناه: ولكن قليلاً ممَّن أنْجينَا من القرون نهوا عن الفساد، وسائرهُم تاركون النَّهي ثم قال: فإن قلت: هل لوقوع هذا الاستثناء متصلاً وجهٌ يحملُ عليه؟ قلتُ: إن جعلتهُ متَّصلاً على ما هو عليه ظاهرُ الكلام كان المعنى فاسِداً؛ لأنَّهُ يكون تحضيضاً لأولي البقية على النَّهي عن الفساد إلَاّ للقليل من النَّاجين منهم، كما تقولُ: هلا قرأ قومك القرآن إلَاّ الصلحاء منهم، تريدُ استثناء الصُّلحاء من المحضَّضينَ على قراءة القرآن. فيَئُول الكلام إلى أنَّ الناجين لم يحضُّوا على النَّهْي عن الفاسد، وهو معنَّى فاسدٌ.

والثاني: أن يكون متًّصِلاً، وذلك بأن يؤوَّل التحضيض على قراءة القرآن بمعنى النَّفي، فيصحَّ ذلك؛ إلَاّ أنَّهُ يُؤدِّي إلى النصب غير الموجب، وإن كان غير النصب أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>