ورابعها: أنَّ فيها ذكر الحبيب، والمحبُوب، وسيرهما.
وخامسها: أنَّ «أحْسنَ» هنا بمعنى: أعجب.
وسادسها: سُمِّيت أحسن القصص؛ لأنَّ كل من ذكر فيها كان مآله إلى السَّعادة، وانظُر إلى يوسف، وأبيه وإخوته، وامرأة العزيز، قيل: والملكُ أيضاً أسلم بيُوسُف، وحسن إسلامهُ، ومستعبر الرؤيا، والسَّاقي، والشَّاهد فيما يقال، فما كان أمْر الجَمِيع إلَاّ إلى خير، والله تعالى أعلم.
قوله: {بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ} «الباء سببيَّة» ، وهي متعلقةٌ ب «نَقُصُّ» و «مَا» مصدريَّة، أيك بسبب إيحائنا «.
قوله: {هذا القرآن} يجوز فيه وجهان:
أظهرهما: أن ينتصب على المفعولية ب» أَوْحَيْنَا «.
والثاني: أن تكون المسألة من باب التنازع، أعني: بَيْن» نَقُصُّ «وبين» أوْحَيْنَا «فإن كلاًّ منهما يطلب» هذا القُرآنَ «وتكون المسألةُ من إعمال الثاني، وهذا إنما يتأتَّى على جعلنا» أحْسنَ «: منصوباً على المصدر، ولم يقدَّر ل» نَقُصُّ «مفعولاً محذوفاً.
قوله: {وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغافلين} [يوسف: ٣] تقدّم إعراب نظيره، والمعنى: قد كنت من قبله، أي: من قبل وحينان لمن الغافلين، أي: لمن الساهين عن هذه القصَّة لا تعلمُهَا.
وقيل: لمن الغافلين: عن الدِّين والشَّريعة قبل ذلك، كقوله تعالى: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلَا الإيمان} [الشورى: ٥٢] .
قال بعض المفسرين: سمى قصَّة يُوسف خاصَّة أحسن القصص؛ لما فيها من العبر، والحكم، والنُّكتِ، والفوائد التي تصلْح للدِّين والدُّنيا، من سير الملوكِ، والمماليكِ، والعلماء، ومكرِ النِّساء، والصبْر على أذى الأعداء، وحسن التَّجاوزِ عنهم بعد الالتقاء، وغير ذلك من الفوائد.
قال خالد بن معدان:» سورة يوسف، وسورة مريم يتفكَّه بهما أهل الجنَّة في الجنَّة «.
وقال عطاء رَحِمَهُ اللَّهُ:» لا يَسْمع سُورةَ يُوسف محْزُونُ إلا استراح لهَا «.
قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ} الآية.
رُوِي أن علماء اليهود قالوا لكبراء المشركين: سلْوا محمَّداً لم انتقل يعقوب من الشَّام إلى مصر؟ وعن كيفيَّة قصَّة يوسف؟ فأنز الله تعالى هذه السورة.