للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جمع؛ لأن هذه الصِّغة مختصًّة بالتكسير، وإذا كانوا قد التزمُوا ذلك فيما لم يصرح له مفردٌ من لفظه، نحو:» شَماطِيط «، و {أَبَابِيلَ} [الفيل: ٣] ففي أحاديث أولى» .

ولهذا ردَّ على الزمخشري قوله: «وهي اسمُ جمع للحديث، وليس بجمع أحدوثة» بما ذكرنا، ولكن قوله: «ليس بجمع أحدُوثة» صحيح؛ لأن مذهب الجمهُور خلافه، على أنَّ كلامه قد يُريد به غير ظاهره من قوله: «اسم جمع» .

فصل

قال الزجاج: الاجتباء مشتقٌّ من جببتُ الشيء: إذا أخلصته لنفسِك، ومنه: جَبُبت الماء في الحوض، والمعنى: كما رفع منزلتك بهذه الرُّؤيَا العظيمة الدَّالة على الشَّرفِ والعز، كذلك يَجْتَبِيك ربُّك، ويصْطَفِيك ربُّك بالنُّبوَّة.

وقيل: بإعلاء الدَّرجة (ويعلمك من تأويل الأحاديث) : يريد تعبير الرُّؤيا، وسُمِّي تأويلاً؛ لأنَّه يئول أمره إلى ما رأى في منامه، والتأويل: ما يئول إليه عاقبة الأمْر، كان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ غاية في علم التَّعبير.

وقيل: في تأويل الأحاديثِ في كتبه تعالى، والأخبار المرويَّة عن الأنبياء المتقدمين عليهم الصلاة والسلام.

وقيل: الأحاديث: جمع «حَدِيث» ، والحديث هو الحَادثُ، وتأويلُها: مآلهُا ومآل الحوادث إلى قُدرَة الله تعالى، وتكوينه، وحكمته، والمراد من تأويل الأحاديث: كيفية الاستدلالِ بأصناف المخلوقات على قدرة الله تعالى وحمته، وجلاله.

قوله: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} يجوز أن يتعلق «عَليْكَ» ب «يُتِمُّ» وأن يتعلق ب «نِعْمتَهُ» ، وكرَّر «عَلَى في قوله:» وعَلى آلِ «لتمكنِ العطف على الضمير المجرورنن وهذا مذهبُ البصريِّين.

وقوله {مِن قَبْلُ} أي: من قبلك: واعلم: أنَّ من فسر الاجتباء بالنُّبوَّة، لا يمكِنُه أن يفسِّر إتمام النِّعمة ههنا بالنبوة، وإلا لزم التكرارن بل يفسر إتمام النِّعمة ههنا: بسعادات الدنيا والآخرة.

أما سعادات الدنيا؛ فالإكثار من الولدِ، والخدمِ، والأتباع، والتَّوسُّع في المال والجاه، والجلال في قلوب الخلقِ، وحسن الثَّناء وَالحمد، وَأما سعادات الآخرة، فالعُلُوم الكثيرةن والأخلاق الفاضلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>