وقرأ ابن أبي عبلة: «نَرْعَى ونَلْعَب» .
فهذه اربع عشرة قراءة منها ستٌّ في السَّبع المتواتر وثمان في الشواذٍّ.
فمن قرأ بالنُّون، فقد أسند الفعل إلى إخوة يوسف.
سُئل أبو عمرو بن العلاء: كيف قالوا: نلعب وهم أنبياء؟ قال: كان ذلك قبل أن يُنَبِّئهُم الله عزَّ وجلَّ.
قال ابن الأعرابي: الرَّتْع: الأكل بشدة، وقيل: إنه الخَصْبُ.
وقيل: المراد من اللَّعب: الإقدام على المُباحات، وهذا يوصف به الإنسان، كما رُوِي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال لجابر: «هَلَاّ بِكْراً تُلاعِبُهَا وتُلاعِبُك» .
وقيل: كان لعبهم الاستباق، والغرض منه: تعليم المحاربة، والمقاتلة مع الكُفَّار، ويدلُّ عليه قولهم: «إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتبِقُ» وإنما سمَّوه لعباً؛ لأنه في صُورة اللَّعِب.
وأما من قرأ بالياءِ، فقد أسند الفعل إليه دونهم، فالمعنى: أنه يبصر رَعْي الإبلِ؛ لتيدرَّب بذلك، فمرَّة يرتع، ومرَّة يلعب؛ كفعل الصِّبيان.
ومن كسر العين، اعتقد أنه جزم بحذف حرف العلَّة، وجعلهُ مأخُوذاً من يفتعِل من الرَّعي؛ كيَرْتَمِي من الرَّمْي، ومن سكن العين، واعتقد أنه جزم بحذق الحركة، وجعلهُ مأخوذاً من: رَتَعَ يَرْتَعُ، إذا اتَّسع في الخِصْب قال:
٣٠٥٨ - ... ... ... ... ... ... ..... وإذَا يَحْلُولَهُ الحِمَى رَتَعْ
ومن سكَّن الباء جعلهُ مَجزُوماً، ومن رفعها، جعله مرفوعاً على الاستئناف، أي: وهو يلعبُ، ومن غاير بين الفعلين، فقرأ بالباء من تحت في «يَلْعَب» دون «نَرْتَع» ؛ فلأن رَعْياً، إذا أكلته فالارتعاء للمواشِي، وأضافوه إلى أنفسهم؛ لأنه السَّبب، والمعنى: نرتع إبلنا، فنسبُوا الارتعاء والقيام بحفظ المال إلى أنفسهم؛ لأنهم بالغون.
ومن قرأ: «نُرْتع» رُباعياً، جعل مفعُوله محذوفاً، أي: يَرْعى مَواشينا، ومن بناها للمفعول، فالوجه: أنه أضمر المفعُول الذي لم يُسمَّ فاعله، وهو ضمير الغدِ، والأصل:
نُرْتَع فيه، ونُلعَبُ فيه، ثم اتسع فيه؛ فحذف حرف الجرِّ، فتعدى إليه الفعل بنفسه، فصار