الظَّرفيةِ] ، كأنَّه قيل: وجاءُوا فوقَ قَميصِه بدمٍ، كما تقولُ: جَاءُوا على جِمالهِ بأحمال» .
قال أبو حيان: ولا يُسَاعدُ المعنى على نَصْبِ «عَلَى» على الظرفية، بمعنى: فوق لأن العامل فيه إذ ذاك «جَاءُوا» وليس الفرق ظرفاً لهم [بل يستحيل أن يكُون ظرفاً لهم] .
وهذا الردُّ هو الذي ردَّ به على الحوفيِّ في قوله: إنَّ «عَلَى» متعلقة ب: «جَاءُوا» .
ثمَّ قال أبو حيان رَحِمَهُ اللَّهُ:«وأمَّا المثالُ الذي ذكره وهو: [جاء] على جماله بإحمالٍ، فيمكنُ أن يكون ظرفاً للجانئي؛ لأنَّه تمكن الظرف فيه باعتبار تبدُّلهِ من حمل إلى حمل، ويكُونُ» بأحْمالٍ «في موضع الحالِ، أي: مصحوباً بأحمال» .
وقرأ العامَّةُ:«كَذبٍ» بالذَّال المعجمة، وهو من الوصفِ بالمصادرِ، فيمكنُ أن يكُون على سبيل المبالغةِ، نحو:«رَجُلٌ عدْلٌ» .
وقال الفراء، والمبرِّد والزجاج، وابن الأنباريِّ:«بدمٍ كذبٍ» ، أي: مكذُوبٍ فيه، إلا أنَّه وصف بالمصدر، جعل نفس الدَّم كذباً؛ للمبالغة، قالوا: والمفعُول، والفاعل يسميان بالمصدر، كما يقال: ماءٌ سكبٌ، أي: مسكوبٌ، والفاعل كقوله:
{إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً}[الملك: ٣٠] ، ولما سُمِّيا بالمصدر سمي المصدرُ بهما، فقالوا للعقل: المعقول، وللجلد: المجلُود، ومنه قوله تعالى:{المفتون}[القلم: ٦] أو على حذف مضاف، إي: ذي كذبٍ، ونسب فعل فاعله إليه.
وقرأ زيد بن عليٍّ:«كذِباً» بالنصب، فاحتمل أن يكون مفعولاً من أجله، واحتمل أن يكون مصدراً في موضع الحالِ، وهو قليلٌ، أعني: مجيء الحال من النكرة، وقرأت عائشة الحسنُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما] : «كّدِبٍ» بالدَّال المهملة.
قال صاحب اللَّوامحك «معناهُ: ذي كدب، أي أثر؛ لأنَّ الكدِبَ هو بياضٌ، يخرج في [أظافير الشبان] ويؤثر فيها، فهو كالنقش، ويسمى ذلك البياض: الفُوف، فيكون هذا استعارة لتأثيرة في القميص، كتأثير ذلك في الأظافر» .
وقيل: هو الدَّمُ الكدرُ، وقيل: الطَّريُّ، وقيل: اليابس.
فصل
قال الشعبيُّ: قصة يوسف كلُّها في قميصه، وذلك أنَّهم لمَّا ألقوه في الجبّ، نزعوا