للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كيف السَّبيلُ في خلاصِ يوسف من تلك المحنةِ فقال: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ} . قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: أي قوم يسيرون من مدْين إلى مِصْرَ فأخطئوا الطريق، وانطلقوا يهيمون على غير طريق، فهبطوا على أرضٍ فيها جُبُّ يوسف، وكان الجبُّ في قَفْرٍ بعيدٍ من العمرانِ لم يكن إلاّ للرُّعاةِ. وقيل: كان ماؤه مِلْحاً، فعذُبَ حين ألقي يوسفُ فيه، وأرسلوا واردهم الذي يردُ الماء ليستقي للقوم قال القُرطبيُّ: «فأرسَلُواْ وَارِدهُمْ» ذكَّر على المعنى، ولو قال: فأرسلت واردها؛ لكان على لفظ «وجَاءَتْ» . والوَارِدُ: هو الذي يتقدَّمُ الرُّفقة إلى الماءِ فيهىء الأرْشيةَ، والدَّلاء، وكان يقال له: مالكُ بنُ دعر الخُزاعِيُّ «.

قوله: {فأدلى دَلْوَهُ} يقال: أدلَى دلوهُ، أي: أرسلها في البِئْرِ، ودلَاّها إذا أخرجها ملأى؛ قال الشاعر: [الرجز]

٣٠٧٠ - لا تَقْلُواهَا وادْلُواهَا دَلْوَا ... إنَّ مَعَ اليَومِ أخاهُ غَدْوَا

يقال: أدْلَى يُدْلِي إدْلاءً: إذا أرسل، وَدلَا يَدلُوا دَلْواً: إذا أخرج وجذبَ، والدَّلوُ معروفةٌ، وهي مؤنثةٌن فتصغَّرُ على» دُليَّةِ «، وتجمع على دلاءٍ، أدلٍ والأصلُ: دِلاوٌ، فقلبت الواو همزة، نحو» كِسَاء «، و» أدلوٌ «، فأعلَّ إلال قاضٍ و» دُلُوو «بواوين، فقلبا ياءين، نحو» عِصِيّ «.

قوله:» يَابُشْرَايَ: ههنا محذوف، تقديره: فأظهروا يوسف، قرأ الكوفيون بحذف ياء الإضافة، وأمال ألف «فُعْلَى» الأخوانِ وأمالها ورشٌ بين بين على أصله، وعن أبي عمرو الوجهان، ولكن الأشر عنه عدمُ الإمالةِ، وليس ذلك من أصله عن ما قُرِّر في علم القراءاتِ، وقرأ الباقون «يَا بُشْرَاي» مضافة إلى ياء المتكلِّم.

فصل

في قوله: «يابشراي» قولان:

الأول: أنَّها كلمةٌ تذكَّر عند البشارةِ، كقولهم: يا عجبا من كذا، وقوله: {ياأسفا عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: ٨٤] وعلى هذا القول ففي تفسير النِّداء وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>