للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعض الأنبياء: {رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا} [الأعراف: ٢٣] وقد يكون من الكَبَائر، قال تعالى: {إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣] ، والفِسْق لا بُدّ وأن يكون من الكبائر، ويمكن أن يجاب عنه: بأن أبا مُسْلِم لم يقل بأن الفسق مطلق الظلم، وإنما خصّه بظلم معين، وهو الذي وصفوا به في أوَّول الآية، ويحتمل أنهم استحقُّوا اسم الظلم بسبب ذلك التبديل، فنزل الرِّجْزُ عليهم بالفِسْقِ الذي كانوا يفعلوه قيل التبديل، فيزول التكرار.

احتجّ بعضهم بقوله: «فَبَدَّل الَّذِينَ ظَلَمُوا» على أنَّ ما ورود من الأذكار لا يجوز تبديله بغيره، وعلى هذا لا يجوز تحريم الصَّلاة بفلظ التَّعْظيمن لا يجوز القراءة بالفارسية.

وأجاب أبو الرَّازِي: «بأنهم إنما استحقُّوا الذَّم لتبديلهم القول إلى قول يُضَاد معناه معنى الأول، فلهذا استوجبوا الذم، فأما تغيير اللفظ مع بقاء المعنى فليس كذلك» .

قال ابن الخطيب: «والظَّاهر أن هذا بتناول كل من بدّل قولاً يقول آخر سواء اتَّفَقَا أو لم يتفقا» .

فإن قيل: قال هنا: «وإذ قلنا» ، وفي «الأعراف» : {وَإِذْ قِيلَ} [الأعراف: ١٦١] .

قيل: لأن سورة «الأعراف» مكية، و «البقرة» مدنية فأبهم القائل في الأولى وهي «الأعراف» ليكون لهم وَقْع في القلب، ثم بَيَّنَهُ في هذه السورة المدنية، كأنه قال: ذلك القائل هناك هو هذا.

وقال هنا: «ادْخُلُوا» وفي «الأعراف» : «اسْكُنُوا» .

قال ابن الخطيب: «لأنّ الدخول مقدّم على السُّكْنَى» .

وهذا يرد عليه، فإن «الأعراف» قبل «البقرة» ؛ لأنها مكية.

وقال [هنا] «فَكُلُوا» بالفاء، وفي «الأعراف» «وَكُلُوا» بالواو.

والجواب ها هنا هو الذي ذكرناه في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً} ، وفي الأعراف {فَكُلَا} . [ولم ذكر قوله: «رغداً» في «البقرة» ، وحذفه في «الأعراف» ؟ لأنه اسند الفعل إلى نفسه لا جرم ذكر معه الإنْعَام الأعظم وهو أن يأكلوا رغداً] ، وفي «الأعراف» لما لم يسند الفعل إلى نفسه [لا جرم] لم يذكر الإنعام الأعظم.

وقال هنا: {وادخلوا الباب سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ} ، وفي «الأعرافش» قدّم المؤخر؛ لأن الواو للجمع المطلق، وأيضاً يحمتل أن يكون بعضهم مذنباً، وبعضهم ليس بمذنب، المُذْنِب يكون اشتغاله أولاً بالتوبة، ثم بالعبادة فكلفوا أن يقولوا أولاً «حطة» ثم يدخلوا الباب سُجَّداً، وأما الذي ليس بمذنب، فالأولى به أن يشتغل بالعبادة أولاً، ثم [يذكروا] التوبة ثانياً على سبيل هَضْم النفس، وإزالة العجب في فعل تلك العبادة

<<  <  ج: ص:  >  >>