للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل الأمرين في قراءة من كسر الهاء، وضمَّ التاء، فتحتمل أن تكون فيه أسم فعل [بنيت على] الضم، ك «حَيْثُ» ، وأن تكون فعلاً مسنداً لضمير المتكلم، من: هاء الرَّجل يَهيءُ، ك «جَاء يَجِيءُ» ، وله حينئذ معنيان:

أحدهما: أن يكون بمعنى: حسنت هيئته.

والثاني: أن يكون بمعنى تَهَيَّأ، يقال: «هَيُئْتُ، أي: حَسُنَتْ هَيْئتي، أوْ تَهَيَّأتُ.

وجواز أبو البقاءِ: أن تكون» هِئْتَ «هذه من:» هَاءَ يَهَاءُ «ك» شَاءَ يَشَاءُ «.

وقد طعن جماعةٌ على قراءة هشام الَّتي بالهمز، وفتح التَّاء، فقال الفارسي: يشبه أن يكون الهمز وفتح التاء وهماً من الراوي؛ لأنَّ الخطاب من المرأة ليوسف، ولم يتهيَّأ لها بدليل قوله:» وَرَاودَتْهُ «، و» أنِّي لَمْ أخُنْهُ بالغَيْبِ «، وتابعه على ذلك جماعة. وقال مكي بنُ أبي طالب:» يجبُ أن يكون اللفظ «هِئْتَ لي» أي: تهَيَّأتْ لِي، ولم يقرأ بذلك أحدٌ، وأيضاً: فإنَّ المعنى على خلافه؛ لأنَّه [لم يزل] يفرُّ منها، وتباعد عنها، وهي تراوده، وتطلبه، وتقدُّ قميصهن فكيف تخبر أنه تهيأ لها؟ «.

وأجاب بعضهم عن هذين الإشكالين بأن المعنى: تهيأ لي أمرك لأنها لم تكن تقدر على الخلوة به في كل وقت، أو يكون المعنى: حَسُنَتْ هَيْأتُكَ. أو» لَكَ «متعلق بمحذوف على سبيل البيانِ، كأنها قالت: القول لك، أو الخطاب لك، كهي في» سَقْياً لَكَ ورَعْياً لَكَ «.

قال شهابُ الدِّين:» واللَاّم متعلقة بمحذوف على كلِّ قراءة إلَاّ قراءة ثبت فيها كونها فعلاً، فإنَّها حينئذ تتعلق بالفعل، إذ لا حاجة إلى تقدير شيء آخر «.

وقال أبو البقاءِ: «والأضبهُ أن تكون الهمزةُ بدلاً من الياءِ، أو تكون لغة في الكلمة التي هي اسم للفعل، وليست فعلاً، لأن ذلك يوجب أن يكون الخطاب ليوسف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ» . وهو فاسدٌ لوجهين:

أحدهما: أنَّهُ لم يَتهيَّأ لها، وإنَّما تَهيَّأت لهُ.

الثاني: أنه قال: «لَكَ، ولو أراد الخطاب لقال:» هِئْتَ لي «، وتقدم جوابه وقوله:» إنَّ الهمزة بدلٌ من الياء «. هذا عكس لغة العرب، إذ قد عهدناهم يبدلون الهمزة السَّاكنة ياء إذا انكسر ما قبلها، نحو:» بِير «و» ذِيب «ولا يقبلون الياء المكسور ما قبلها همزة، نحو: مِيل، ودِيك، وأيضاً: فإنَّ غيرهُ جعل الياء الصَّريحة مع كسر الهاء كقراءة نافع، وابن ذكوان محتملة؛ لأن تكون بدلاً من الهمزة، قالوا فيعودُ الكلامُ فيها، كالكلام في قراءة هشامٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>