للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأمَّا يوسف صلوات الله وسلامه عليه فأدَّعى أنَّ الذنب للمرأة وقال: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي} [يوسف: ٢٦] و {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: ٣٣] وأما المرأة، فاعترفت بذلك، وقالت للنسوة: {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ} [يوسف: ٣٢] وقالت: {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: ٥١] وأمَّا زوج المرأة فقوله: {إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا واستغفري لِذَنبِكِ} [يوسف: ٢٨ ٢٩] .

وأمَّا الشهود فقوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ} [يوسف: ٢٦] .

وأمَّا شهادة الله تعالى: فقوله: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السواء والفحشآء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين} [يوسف: ٢٤] فقد شهد الله تعالى في هذه الآية على طهارته أربع مرات.

أولها: قوله: {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السواء} .

وثانيها: قوله: {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السواء والفحشآء} .

والثالث: قوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا} مع أنه تعالى قال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: ٦٣] .

والرابع: قوله: «المُخْلصِينَ» ، وفيه قراءتا، تارة باسم الفاعل، وأخرى بسام المفعول وهذا يدلُّ على أنَّ الله تعالى استخلصه لنفسه، وأصطفاه لحضرته، وعلى كل [وجه] فإنَّه أدلُّ الألفاظ على كونه منزهاً عمَّا أضافوه إليه.

وأما إقرار إبليس بطهارته فقوله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: ٨٢٨٣] فهذا إقرارٌ من إبليس بأنه ما أغواهُ، وما أضله عن طريف الهدى، فثبت بهذه الدَّلائل أنَّ يوسف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ بريءٌ عمَّا يقوله هؤلاء.

وإذا عرفت هذا فنقول: الكلام على ظاهر هذه الآية [يقع] في مقامين:

المقام الأول: أن نقول: إنَّ يوسف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ ما همَّ بها، لوقله تعالى: {لولاا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} ، وجواب «لَوْلَا» ههنا مقدمٌ، وهو كما يقالُ: قد كنت من الهَالكينَ لولا أنَّ فلاناً خلصك، وطعن الزَّجاجُ في هذا الجواب من وجهين:

الأول: أن تقديم جواب «لَوْلَا: شاذٌّ، وغير موجود في الكلامِ الفصيحِ.

الثاني: [أنَّ] «لَوْلَا» يجابُ جوابها باللَاّمِ، فلو كان الأمرُ على ما ذكرتم لقال: ولقد همَّت به، ولهم بها لوْلَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>