قال أبو حيَّان: وما ذكر أنها تفيد التنزيه في باب الاستثناء، غير معروفٍ عند النحويين، لا فرق في قولك: قَامَ القومُ إلَاّ زيداًن وقَامَ القوْمُ حَاشَا زيْد ولمَّا مثل بقوله: أساء القوم حاشا زيد، وفهم من هذا التمثيل براءة زيدٍ من الإساءةِن جعل ذلك مستفاداً منها في كل موضعٍ، وأما ما أنشده من قوله:[الكامل]
حَاشَا إبِي ثَوْبانَ ... البيت.
فهكذا ينشدهُ ابن عطيَّة، وأكثر النحاة، وهو بيتٌ ركَّبوا فيه صدر بيتٍ على عجز آخر من بيتين، وهما:[الكامل]
قال شهابُ الدِّين:«قوله:» إنَّ المعنى الذي ذكره الزمخشريُّ لا يعرفه النحاة «ولم ينكروه؛ وإنما لم يذكروه في كتبهم؛ لأنَّ غالب: فَنِّهِمْ» صناعة الألفاظ دون المعاني، ولما ذكروا مع أدوات الاستنثاءِ «لَيْسَ» ، و «لا يكُونُ» و «غَيْر» ، لم يذكروا معانيها. إذ مرادهم مساواتها ل «إلَاّ» في الإخراج، وذلك لا يَمْنَع من زيادة معنى في تلك الأدوات «.
وزعم المبردُ، وغيره كابن عطيَّة: أنَّها تتعينُ فعليتها، إذا وقع بعدها حرف جرٍّ كالآية الكريمةن قالوا: لأن حرف الجرِّ لا يدخل على مثله إلا تأكيداً؛ كقوله:[الوافر]
فيتعيَّن أن يكون فعلاً فاعله ضمير يوسف، أي: حَاشَى يوسف، و» للهِ «جارٌّ ومجرورٌ، متعلق بالفعل قبله، واللام تفيد العلَّة، أي: حَاشَا يوسف أن يُقارِفَ ما رمته به؛ لطاعة الله، ولمكانه منه، أو لترفيع الله أن يرمى بما رمتهُ به، أي: جَانَبَ المعصية؟ لأجل الله.
وأجاب النَّاسُ عن ذلك: بأنَّ» حَاشَا «في الآية الكريمة، ليست حرفاً ولا فعلاً وإنَّما هي اسم مصدر بدلٌ من اللفظِ بفعله؛ كأنه قيل: تنزيهاً للهِ، وبراءة له، وإنما لم ينون؛ مراعاة لأصله الذي نقل منه، وهو الحرف، ألا تراهم قالوا:» مِنْ عَنْ يَمِينه «فجعلوا»