وقرأ أبي، وعبد الله:«حَاشَى اللهِ» بجر الجلالةِ، وفيها وجهان:
أحدهما: أن تكون اسماً مضافاً للجلالة، نحو سبحان الله، وهو اختيارُ الزمخشريِّ.
والثاني: أنه حرف استنثاءٍ، جر به ما بعده؛ وإليه ذهب الفارسيُّ.
وفي جعله:«حَاشَا» حرف جرِّ مُراداً به الاستثناء، نظرٌ، إذْ لم يتقدم في الكلام شيءٌ يستثنى منه الاسم المعظَّم، بخلاف: قام القومُ حَاشَا زيدٍ، واعلم أنَّ النحويين لما ذكروا هذا الحرف، جعلوه من المتردِّد بين الفعلية، والحرفية كما عند من أثبت فعليّته، وجعله في ذلك ك «خَلَا» و «عَدَ» ، وهذا عند من أثبت حرفيته، وكان ينبغي أن يذكروه من المتردد بين الاسمية، والفعلية، والحرفية، كما فعلوا ذلك في «عَلَى» فقالوا: يتكون حرف جرٍّ في «عَلْكَ» ، واسماً في قوله:«مِنْ عَليْه» ، وفعلاً في قوله:[الطويل]
وإن كان فيه نظرٌ، تلخيصه: أنَّ «عَلَا» حال كونها فعلاً غيرُ «عَلَى» ، حال كونها غير فعلٍ؛ بدليل أنَّ الألف الفعلية منقلبةٌ عن واوٍ، ويدخلها التصريفُ، والاشتقاقُ دون ذينك.
وقد يتعلق من ينتصر للفارسي بهذا، فيقول: لو كان «حَاشَا» في قراءة العامَّة اسماً، لذكر ذلك النحويون عند ترددها بين الحرفية، والفعلية، فلمَّا لم يذكروه، دلَّ على عدم اسميتها.