للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يقولا ذلك حال الدُّخولِ، ولا جائزٌ أن تكون مقدَّرة؛ لأنَّ الدخول لا يَئُولُ إلى الرؤيا، و «إنِّي» وما في حيِّزه: في محل نصبٍ بالقول.

و «أَرَانِي» : مُتعدِّيةٌ لمفعولين عند بعضهم؛ إجراءً للحلمية مجرى العلمية؛ فتكون الجملة من قوله: «أعْصِرُ» في محلِّ المفعول الثاني، ومن منع، كانت عنده في محلِّ الحالِ.

وجرت الحلمية مجرى العلمية أيضاً في اتحاد فاعلها، ومفعولها ضميرين متَّصلين؛ ومنه الآيةٌ الكريمةُ؛ فإنَّ الفاعل المفعول مُتَّحدانِ في المعنى؛ إذ هما للمتكلِّم، وهما ضميران متصلان، ومثله: رأيتك في المنام قائماً، وزيدٌ رآه قائماً، ولا للمتكلِّم، وهما ضميران متصلان، ومثله: رأيتك في المنام قائماً، وزيدٌ رآه قائماًن ولا يجوزُ ذلك في غير ما ذكر.

لا تقول: «أكْرَمتُنِي» ، ولا «أكرمتَك» ، ولا «زيدٌ أكْرمَهُ» ؛ فإ، أردت بذلك، قل: أكْرمْتُ نَفْسِي، أو إيَّاي ونفسكَ، أوْ [أكْرَمْتَ] إيَّاك ونفسهُ، وقَدْ تقدَّم تحقيق ذلك.

وإذا دخلت همزةٌ النقل على هذه الحلمية، تعدت لثالثٍ، وتقدم هذا في قوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ الله فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً} [الأنفال: ٤٢] .

والخَمْرُ: العِنَبُ، أطلق عليه ذلك؛ مجازاً؛ لأنه آيلٌ إليه؛ كما يطلق الشيء على الشيء؛ باعتبار ما كان عليه؛ كقوله {وَآتُواْ اليتامى} [النساء: ٢] ، ومجاز هذا أقربُ، وقيل: بل الخَمْرُ: العِنَبُ حقيقةً في لغةِ غسَّانٍ، وإزْدِ عمان.

وعن المُعْتَمر: لقيتُ أعْرابياً حاملاً عنباً في وعاءٍ، فقلتُ: ما تحمل؟ قال: خَمْراً.

وقراءة «أبيَّ» ، وعبد الله: «أعْصِرُ عِنَباً» ، لا تدلُّ على الترادف؛ لإرداتهما؛ لإرادتهما التفسير، لا التلاوة، وهذا كما في مصحف عبد الله: «فَوْقَ رأسِي ثَرِيداً» ، فإنه اراد التَّفسيرَ فقط.

و «تَأكُلُ الطَّيْرُ» : صفةٌ ل «خُبْزاً» ، و «فَوْقَ» يجوز أن يكون ظرفاً للحملِ، وأن يتعلق بمحذوفٍ، حالاً من «خُبْزاً» إلاّ أنه في الأصل صفة له، والضمير في قوله «نَبِّئْنَا بِتَأويلهِ» : قال أبو حيَّان: «عائدٌ على ما قَصَّا عليه، أجري مُجْرَى اسم الإشارةِ؛ كأنَّه قيل: تأويله ما رَأيْتَ» .

وقد سبقه إليه الزمخشريُّ، وجعله سُؤالاً، وجواباً، وقال اغيره: إنَّما واحد الضمير؛ لأن كلَّ واحدٍ سأل عن رُؤياه؛ وكأن كلَّ واحد منهما قال: نبئنا مارأيتُ.

و «تُرْزَقانِهِ» صفةٌ ل «طَعَامٌ» ، وقوله «إلَاّ نَبَّأتُكُمَا» : استثناء مفرَّغٌ، وفي موضِ الجملة بعدها وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>