الزَّاهِدِينَ} [يوسف: ٢٠] تقديره: أعني فيه، وكذلك هذا، تقديره: أعني للرُّؤيا، وعلى هذا يكون مفعولُ «تَعْبُرُونَ» محذوفاً تقديره: تعبرونها.
وقرأ أبو جعفر: الرُّيَّا [وبابها الرؤيا] بالإدغام؛ وذلك أنَّه قلب الهمزة واواً؛ لسكونها بعد ضمةٍ، فاجتمعت «واوٌ» ، و «ياءٌ» وسبقت إحداهما بالسكون؛ فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياءُِ في الياءِ.
وهذه القراءة عندهم ضعيفةٌ؛ لأن البدل غير لازمٍ، فكأنَّه لم يوجد واوٌ؛ نظراً إلى الهزة.
فصل في معنى «تعبرون»
يقال: عَبَرْتُ الرُّؤيَا أعبرها عبارة، وعبَرةً بالتخفيف، قال الزمخشريُّ: «وهو الذي اعتمدهُ الأثباتُ، ورأيتهم يُنْكِرُونَ» عَبَّرتُ «بالتشديد، والتَّعبير والمُعبِّر» قال: وقد عثرتُ على بيتٍ أشده المبرِّد في كتاب الكاملِ لبعضِ الأعرابِ: [السريع]
٣١٠٨ - رَأيتُ رُؤيَا ثُمَّ عبَّرتُهَا ... وكُنْتُ للأحْلامِ عَبَّارَا
قال وحقيقة تعبير الرؤيا: ذكرُ عاقبتها، وآخر أمرها؛ كما تقول: عبرتُ النَّهر إذا قطتعهُ حتَّى تبلغ آخرَ عرضه.
قال الأزهريُّ: «مأخوذٌ من العُبْرِ، وهو جانبُ النَّهر، ومعنى عبرتُ النَّهرَ والطريق: قطعتهُ إلى الجانب الآخر، فقيل لعابرِ الرؤيا: عابرٌ؛ لأنَّه يتأمل جانبي الرُّؤيا، ويتفكرُ في أطرافها وينتقل من أحد الطَّرفين إلى الآخر» .
قال بعضُ أهل اللغة: العينُ، والباءُ، والراءُ، تضعها العرب: لجوار الشيء، ومضيفه، وقلَّة تمكنه، ولبثه، وهو فعل، يقال: عبر الرؤيا: أخرجها من حال النَّوم إلى حال اليقظةِ، كعبور البحر من جانب إلى جانبٍ.
وناقة عبراء سفار، أي: يقطعُ بها الطريق ويعبرُ.
والشِّعرى: العبُورُ؛ لأنها عبرت المجرَّة.
والاعتبارُ بالشيء: هو التَّمثيلُ بينه وبين حاكيه.
والعبرةُ: الدَّمعةٌ؛ لعبورها العين، وخروجها من الجفنِ.
والعَنْبَرُ: منهح لأنَّ نونه زائدةٌ، وهو عبر لحي طفاوة على الماء لا يعرف معدته.