وقرأ مجاهدٌ، وشبل بن عزرة: بعد أمْه بسكون الميم، وتقدَّم أنه مصدر ل «أَمِهَ» على غير قياسٍ.
قال الزمخشري:«ومن قرأ بسكون الميم، فقد خُطِّىءَ» .
قال أبو حيَّان:«وهذه على عادته في نسبةِ الخطأ إلى القراء» .
قال شهابُ الدِّين رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمْ يسنبْ إليهم خطأ؛ وإنما حكى أنَّ بعضهم خطَّأ هذا القارىء؛ فإنه قال:«خُطِّىءَ» بلفظ ما لم يسمَّ فاعله ولم يقل: فقد أخطأ، على أنَّه إذا صحَّ أنَّ من ذكره قرأ بذلك فلا سبيل إلى نسبة الخطأ إليه ألبتَّة.
وبَعْدَ منصوب ب «ادَّكَرَ» وقوله أنَا أنَبِّئُكمْ هذه الجملة هي المحكية بالقول.
وقرأ العامة أنَبِّئُكُمْ من الإنْباءِ، وقرأ الحسن أنا آتِيكُم مضارع أتى من الإتيانِ، وهو قريب من الأول.
فصل
لمَّا اعترف الحاضرون بالعجز عن الجواب، فذكر الشَّرابيُّ قول يوسف {اذكرني عِندَ رَبِّكَ}
[يوسف: ٤٢] ، {بَعْدَ أُمَّةٍ} بعد حينٍ، بعد سَبْعِ سنينَ، وذلك أنَّ الحينَ أنَّما يحصل عند اجتماع الأيام الكثيرة، كما أن الأمة إنما تحصل عند اجتماع الجمع العظيم، فالحين كان أمة من الأيام والسَّاعاتِ. فإن قيل: قوله {وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ} يدل على أنّ الناسي هو الشرابي، وأنتم تقولونك إنَّ النَّاسي هو يوسف عليه السلام.
فالجواب: قال ابنُ الأنباري: ادَّكرَ بمعنى: ذَكَرَ وأخْبَر، فهذا لا يدلُّ على سبقِ النسيان، فلعلَّ الساقي إنما لم يذكر يوسف عليه السلام عند الملكِ، خوفاً عليه من أن يكون ادِّكَاراً لذنبه الذي من أجله حُبس، فترك للشر، ويحتمل أن يكون حصل النسيانُ ليوسف صلوات الله وسلامه عليه [وحصل] أيضاً لذلك الشرابي.
رُوِيَ أنَّ الغلام جثا بين يدي الملك، وقال إنَّ بالسجْنِ رجُلاً يُعبِّر الرؤيا.