خرجتم من عتبي، وغضبي عليكم إن لم تَأتُوني به؛ لوضوحِ عُذْركُم.
والثاني: أنه متصلٌ، وهو استثناء من المفعول له العام. قال الزمخشريُّ:«فإن قلت: أخبرني عن حقيقة هذا الاستثناءِ، ففيه إشكالٌ.؟ قلتُ:» أنْ يُحاطَ بِكُمْ «معفولٌ له، والكلام المثبت، الذي هو قوله» لتَأتُنَّنِي بهِ «في معنى النَّفي، معناه: لا تَمْتنِعُون من الإتيان به؛ إلا للإحاطة بكم، أو لا تمتنعون منه لعلةٍ واحدة وهي {أَن يُحَاطَ بِكُمْ} فهو استثناءُ من أعمِّ العامِّ في المفعول له، والاستثناءُ من أعم العام لا يكونُ إلا في النفي وحده؛ فلا بُدَّ من تأويله بالنَّفي، ونظيره في الإثبات المتأول بالنفي بمعنى النفي قولهم: أقْسَمْتُ باللهِ لما فعَلتَ وإلَاّ فعلتَ بزَيْدٍ يريد ما أطلب منك إلاًَّ الفعل» . ولوضوح هذا الوجه لم يذكره غيرهُ.
الثالث: أنه مستثنى من أعمَّ العام من الأحوال قال أبو البقاء: تقديرهك لتَأتُنَّنِي به على كلِّ حالٍ، إلا في حالٍ، إلا في حالِ الإحاطةِ بكم.
قال شهابُ الدِّين:«قد نصُّوا على أنَّ أنْ الناصبة للفعلِ، لا تقعُ موقع الحال وإن كانت مُؤولةً بمصدرٍ، يجوز أن تقع موقع الحالِ؛ لأنهم لم يَغتَفِرُوا في المؤولِ ما يَغْتفرونه في الصَّريح، فيجيزون: جِئْتُك رَكْضاً، ولا يجيزون: جِئْتُكَ أن أرْكُض وإنْ كانا في تأويله» .
الرابع: أنُّه مسثنى من أعمَّ العامِّ في الأزمان، والتقدير: لتَأتُنَّنِي به في كل وقتٍ إلا في وقت الإحاطة بكم، وقد تقدم [البقرة: ٢٥٨] الخلافُ في هذه المسألة، وأنَّ أبا الفتح أجاز ذلك كما يجوزه في المصدر الصريح، فكما تقول:«آتيك صِيَاحَ الدِّيك» يجوز أن تقول: آتيك أنْ يَصِيحَ الدِّيكُ، جعل من ذلك قول تأبَّط شرًّا:[الطويل]