تعالى: {وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض} [يوسف: ٢١] قيل فيه: لمَّا مكَّنا ليوسف ملك نفسه عن امرأة العزيز مكَّنَّا له ملك الأرض عند العزيز، وهذا لا يشبهُ ما ذكروهُ.
قال الشعفوي: ومثله قوله: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فاضرب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤] هذا ليس حيلة، إنما هو حمل [اليمين] على الألفاظ، أو على المقاصد.
قوله: {إِلَاّ أَن يَشَآءَ الله} فيه وجهان:
أحدهما: أنه استنثاءٌ منقطعٌ تقديره: ولكن بمشيئة الله أخذه في دينٍ غير دينِ الملكِ، وهو دينُ آلِ يعقوب أنَّ الاسترقاق جزاءُ للسَّارقِ.
قال ابن عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: «فِي دِين الملِكِ» أي في سلطانه.
{إِلَاّ أَن يَشَآءَ الله} أي: أنَّ يوسف لم يتمكن من حبس أخيه في حكم الملك لولا ما كدنا له بلطفنا، حتى وجد السبيل إلى ذلك، وهو ما جرى على [السنة] الإخوة أنَّ جزاء السارق الاسترقاق فحصل مراد يوسف بمشيئة الله.
والثاني: أنَّه مفرغ من الأحوال العامَّة، والتقدير: ما كان ليأخذه من كلِّ حالٍ إلا في حال التباسه بمشيئة الله عزَّ وجلَّ أي: إذنه في ذلك.
وكلاُ ابن عطيَّة محتملٌ فإنه قال والاستثناء حكاية حال، والتقدير: إلَاّ أن يشاء ما وقع من هذه الحيلة.
قوله: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ} تقدَّم القراءتان فيها في الأنعام [الأنعام: ٨٣] .
وقرأ يعقوب بالياء من تحت «يَرْفعُ:، و» يَشاءُ «والفاعل الله تعالى.
وقرأ عيسى البصري» نَرْفَعُ «بالنون» دَرجَاتٍ «منونة، و» يَشَاءُ «بالياء.
قال صاحبُ اللَّوامحُ:» وهذه قراءة مرغوبٌ عنها تلاوة، وجملة، وإن لم يمكن إنكارها «.
قال شهابُ الدِّين رَحِمَهُ اللَّهُ:» وتوجيهها: أنَّهُ التفت في قوله «يَشَاءُ» من التَّكلُّم إلى الغيبةِ، والمراد واحدٌ «.
قوله: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} قرأ عبد الله بن مسعود: (وفوق كل ذي عالم) . وفيها ثلاثة أوجه: