قال الزمخشريُّ: يعنى ومن قبل هذا ما فرطتموه، أي: قدَّمتموهُ في حقِّ يوسف من الجنايةِ، ومحلُّها الرَّفع، أو النَّصب على الوجهين.
يعنى بالوجهين رفعها بالابتداء، وخبرها» مِنْ قبل «، ونصبها على مفعولِ» ألمْ تَعْلمُوا «، فإنَّهُ لم يذكر في المصدرية غيرهما، وقد تقدَّم ما اعترض به عليهما، وما قيل في جوابه.
فتحصل في» مَا «ثلاثة أوجه:
الزيادة، وكونها مصدرية، أو بمعنى الذي، وأن في محلها وجهين: الرفع، أو النصب.
قوله تعالى:{فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض} برح هنا تامة، ضمنت معنى أفارقُ ف:» الأرْضَ «معفول به، ولا يجوز أن تكون تامَّة من غير تضمين؛ لأنها إذا كانت كذلك؛ كان معناها: ظهر أو ذهب، ومنه: بَرحَ الخفاءُ، أي: ظهر، أو ذهب، ومعنى الظهور لا يليق، والذهابُ لا يصلُ إلى الظَّرف المخصوص إلَاّ بواسطةِ» في «: تقول:» ذَهَبْتُ في الأرضِ «ولا يجوز ذهبتُ الأرْضَ، وقد جاء شيءٌ لا يقاس عليه.
وقال ابو البقاء: «ويجوز أن يكون ظرفاً» .
قال شهابُ الدِّين:«يحتمل أن يكون سقط من النُّسخِ لفظ» لَا «، كان:» ولا يجوز أن يكون ظرفاً «.
واعلم أنه لا يجوز في» أبْرَحَ «هنا أن تكون ناقصة؛ لأنَّه لا ينتظم من الضمير الذي فيها، وما» من الأرض «مبتدأ أو خبرٌ، ألا ترى أنَّك لو قلت: أنَا الأرض لم يجز من غير» فِي «بخلاف» أنَا في الأرْضِ وزيدٌ في الأرْضِ «.
قوله:{أَوْ يَحْكُمَ الله} في نصبه وجهان:
أظهرهما: عطفه على:» يَأذَنَ «.
والثاني: أنه منصوبٌ بإضمار» أنْ «في جواب النَّفي، وهو قوله:{فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض} أي: لنْ أبْرحَ الأرْضَ إلَاّ أن يحكم، كقولهم: لالزَمنَّكَ أوْ تَقْضِيَنِي حقِّي، أي: إلا أن تَقْضِيَنِي.
قال أبو حيَّان:» ومَعْنَاهُ ومعنى الغية مُتقَارِبَان «.