٣١٥٥ - أسِيئِي بِنَا، أو أحْسِنِي لا مَلُومةً ... لَديْنَا ولا مَقْليَّةً إنْ تَقلَّتِ
وقيل: بل يتعدى بها أيضاً، وقيل: هي بمعنى «إلى» وقيل: المفعول محذوف. تقديره: أحسن صنعه بِى، ف: «بي» متعلقة بذلك المحذوف، وهو تقدير أبي البقاءِ.
وفيه نظرٌ؛ من حيث حذف المصدر، وإبقاء معموله، وهو ممنوع عند البصريين.
و «إذْ» منصوب ب «أحْسَنَ» ، أو المصدر المحذوف، قاله أبو البقاء وفيه النظر المتقدِّمُ.
والبَدْوُ: ضد الحضارة، وهو من الظُّهورِ، بَدَا يَبْدُوا: إذ سكن البادية.
يروى عن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: «إذَا بَدوْنَا جَفوْنَا» أي: تخلقنا بأخلاق البدويين.
قال الواحديُّ: البدو بسيطٌ من الأرض يظهرُ فيه الشخص من بعيدٍ، أصله من بَدَا يَبْدُوا بَدْواً، ثم سمي المكان باسم المصدر، ويقال:: بَدْوٌ وحَضَرن وكان يعقوب وولده بأرض كعنان أهل مواشٍ وبريَّةٍ.
وقال ابن عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: [كان يعقوب قد تحوَّل إلى بدا وسكنها] ومنها قدم على يوسف، وبها مسجد تحت جبلها.
قال ابن الأنباري «بدا» اسم موضع معروف، ياقل: بين شعيب عليه السلام وبدا، وهما موضعان ذكرهما جميعاً كثيرٌ: [الطويل]
٣١٥٦ - وأنْتِ الَّتِي حَبَّبْتِ شَعْباً إلى بَدَا ... إليَّ وأوْطَانِي بِلادٌ سِواهُمَا
والبدو على هذا القول معناه: قصد هذا الموضع الذي يقال له بدا، يقال: بَدَا القَوْمُ بدواً إذا أتوا بَدَا، كما يقال: غَارَ القوم غَوْراً، إذا أتوا الغُوْر، وكان معنى الآية: وجاء بكم من قصد بدا، وعلى هذا القول كان يعقوب، وولده حضريِّين، لأن البدو لم يرد به البادية لكن عني به قصد بدا.
فصل
اعلم أن قوله {ياأبت هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً} وهو قوله: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} [يوسف: ٤] ، {وَقَدْ أَحْسَنَ بي} أنعم عليَّ {إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السجن} ولم يقل من الجُبّ مع كونه أشدّ من السجن استعمالاً للكرم كيلا تخجل إخوته بعدما قال: {لَا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ