فأما الأفلاك فقد يستدل بمقاديرها المعينة على وجود الصَّانع، وقد يستدل بكون بعضها فوق بعضه أو تحته، وقد يستدلُّ بحركتها، إمَّا بسرعة حركتها، وإمَّا باختلاف جهة تلك الحركات.
وأمَّا الأجرام الكوكبيَّة، فتارة تدلُّ على وجود الصَّانع بمقاديرها، وأجرامها، وحركاتها في سرعتها وبطئها، وتارة بألوانها وأضوائها، وتارة بتأثيراتها في حصول الأضواء والظلال.
وأما دلائل الأجرام العنصرية: فإمَّا أن تكون مأخوذة من بسائطها، وهو البر والبحر، وإما مأخوذ من [المواليد] ، وهي أقسام:
أحدها: العلويِّة كالرعد، والبرق، والسَّحاب، والمطر، والثلج، والهواء، وقوس قُزَح.
وثانيها: المعادن على اختلاف طابعئها وصفاتها، وكيفياتها.
وثالثها: النَّبات وخاصيَّة الخشب والورق بخصوصه.
ورابعها: اختلاف حال الحيوانت في أشكالها، وطبائعها، وأصواتها، وخلقها.
وخامسها: تشريح أبدان الناس، وتشريح القوى الإنسانية، وبيان المنافع الحاصلة منها، ومن هذا الباب أيضاً قصص الأولين والملوك الذين استولوا على الأرض، وقهروا العباد، وخربوا البلاد. ماتوا ولم يبق لهم في الدنيا خبر، ثم بقي الوزرُ والعقاب عليهم، قال ابن الخطيب: فلهذا ضبط أنواع هذه الدَّلائل.
فصل
الجمهور على جر الأرض عطفاً على السموات، والضمير في «عَلَيْهَا» للآية، فيكون «يمُرُّون» صفة للآية، وحالاً لتخصُّصها بالوصف بالجر.
وقيل: يعود الضمير في «عَليْهَا» للأرض فيكون «يمُرُّون عليها» حالاً منها.
وقال أبو البقاء: وقيل: منها ومن السَّموات، أي: يكون الحال من الشيئين جميعاً، وهذا لا يجوز؛ إذا كان يجب أن يقال: عليهما، وأيضاً: فإنهم لا يمرُّون في السَّماوات إلا أن يراد: يمرّون على آياتها، فيعود المعنى على عود الضمير للآية، وقد يجاب عن الأول بأنه من باب الحذف؛ كقوله تعالى: {والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} [التوبة: ٦٢] .
وقرأ السديُّ: «والأرْضَ» بالنَّصب، ووجهه أنه من باب الاشتغال، ويفسَّر الفعل بما يوافقه معنى، أي: يطوفون الأرض، أو يسلكون الأرض.