٥٣٩ - وَجَاعِلُ الشَّمْسِ مِصْراً لا خَفَاءَ بِهِ ... بَيْنَ النَّهَارِ وَبَيْنَ اللَّيْلِ قَدْ فَصَلَا
قوله: {مَّا سَأَلْتُمْ} «ما» في محلّ نصب اسماً ل «إن» ، والخبر في «لكم» ، و «ما» بمعنى الذي، والعائد محذوف، أي: الَّذي سألتموه.
قال أبو البَقَاءك «ويضعف أن تكون نكرة موصوفة» . يعني: أنَّ الذي سألوه شيءٌ معيَّنٌ، فلا يحسُنُ أن يُجَابُوا بشيء مُبهَمٍ.
وقرىء: «سِلْتُمْ» مثل: بِعْتُمْ، وهي مأخوذةٌ من «سَالَ» بالألف قال حَسَّان رَضِيَ اللهُ عَنْه: [البسيط]
٥٤٠ - سَالَت هُذَيْلٌ رَسُولَ الله فَاحِشَةً ... ضَلَّتْ هُذَيْلٌ بِمَا سَالَتْ وَلَمْ تُصِبِ
وهل هذه الألف منقلبة عن ياء أو واو لقولهم: يَتَساوَلَانِ، أو عن همزة؟ ثلاثة أقوال يأتي بيانها في سورة «المعارج» إن شاء الله تعالى.
فصل في بيان أنه هل عصوا بذلك السؤال
أكثر المفسرين زعموا أن ذلك السؤال كان معصية.
قال ابن الخطيب: وعندنا ليس الأمر كذلك، والدليل عليه أن قوله: «كلوا واشربوا» عند إنزال المَنّ والسّلوى ليس بإيجاب، بل هو إباحةٌ، وإذا كان كذلك لم يكن قولهم: {لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ وَاحِدٍ فادع لَنَا رَبَّكَ} معصية؛ لأن من أُبيح له ضرب الطعام محسن منه أن يسأل غير ذلك، إما بنفسه أو على لسان الرسول، فلما كان عندهم أن سؤال موسى أقرب إلى الإجابة جاز لهم أن يسألوه ذلك، ولم يكن فيه معصية.
واعلم أن سؤال النَّوع الآخر من الطعام يحتمل أن يكون لأغراض منها: أنهم لما تناولوا ذلك النوع الواحد أربعين مَلّوه سنةً، فاشْتَهَوْا غيره.
ومنها: لعلّهم ما تعودوا ذلك النوع، وإما تعودوا سائر الأنواعن ورغبة الإنسان فيما اعتاده في أصل التربية وإن كان خسيساً فوق رَغْبته فيما لم يَعْتَدْهُ وإن كان شريفاً.
ومنها: لعلهم ملوا البقاء في التِّيْه، فسألوه هذه الأطعمة التي لا توجد إلَاّ في البلاد، وغرضهم الوصول إلى البلاد لا نفس الأطعمة.
ومنها: أن المُوَاظبة على نوع واحد سببٌ لنقصان الشهوة، وضعف الهَضْم، وقلّة