إنما لم يتميز في حق من لا يكون عالماً بجميع المعلومات فأمّضا من: {يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أنثى وَمَا تَغِيضُ الأرحام وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ} كيف لا يميزها؟ .
وثالثها: أنَّه متصلٌ بقوله: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسيئة قَبْلَ الحسنة} [الرعد: ٦] .
والمعنى: أنه تعالى عالم بجميع المعلومات، فهو إنَّما ينزل العذاب بحسب ما يعلم كونه مصلحة فيه.
قوله: {الله يَعْلَمُ} يجوز في الجلالة وجهان:
أحدهما: أنَّها خبر مبتدأ مضمر، أي: هو الله، وهذا على قول من فسَّر «هادٍ» بأنه هو الله [تعالى، فكان هذه الجملة تفسير له، وهذا [ما] عنى الزمخشري بقوله: وأن يكون المعنى: هو الله] تفسيراً ل «هادٍ» على الوجه الأخير، ثم ابتدأ فقال: «يَعْلمُ» .
والثاني: أنَّ الجلالة مبتدأ «ويَعْلمُ» خبرها، وهو كلامٌ مستأنفٌ مستقلٌّ.
قال أبو حيَّان، «و» يَعْلمُ «هاهنا متعدية إلى واحدٍ؛ لأنَّه لا يراد هنا النسبة إنَّما المراد تعلق العلم بالمفردات» .
قال شهاب الدين رَحِمَهُ اللَّهُ: «وإذا كانت كذلك، كانت غير فائتة» وقد تقدَّم أنه لا ينبغي أنه يجوز نسبة هذا إلى الله عزَّ وجلَّ وتقدم تحقيقه في الأنفال فالتفت إليه.
قوله: «مَا تَحْمِلُ» «مَا» تحتمل ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: أن تكون موصولة أسمية، والعائد محذوف، أي: ما تحمله.
والثاني: أن تكون مصدرية، فلا عائد.
والثالث: أن تكون استفهامية، وفي محلها وجهان:
أحدهما: أنها في محلِّ رفع بالابتداء، و «تَحْمِلُ» خبره، والجملة معلقة للعلم.
والثاني: أنها في محلِّ نصب ب «تَحْمِلُ» قاله أبو البقاء.
وهو أولى؛ لأنَّه لا يحتاج إلى حذف عائد لا سيَّما عند البصريين؛ فإنهم لا يجيزون زيداً ضَرَبتُ.
ولم يذكر أبو حيان غير هذا، ولم يتعرض لهذا الاعتراض.
و «مَا» في قوله: {وَمَا تَغِيضُ الأرحام وَمَا تَزْدَادُ} محتملة للأوجه المتقدِّمة و «غاض، وزاد» سمع تعدِّيهما، ولزومهما، ولك أن تدَّعي حذف العائد على القول بتعديهما، وأن تجعلهما مصدريّة عل القول بمصدريتها.
فصل
إذا كانت «مَا» موصولة فالمعنى: أنه تعالى يعلم ما تحمل كل أنثى من الولد أهو