للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فاستعظم القوم مقالته، فانصرفوا إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقالوا: يا رسول الله: ما رأينا رجُلاً أ: فر قلبا، ولا أعتى على الله منه، فقال: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» ارجعوا إليه «فرجعوا إليه؛ فجعل لايزيدهم على مثل مقالته الأولى، وقال: أجيب محمداً إلى رب لا أراه، ولا أعرفه! وانصرفوا، وقالوا: يا رسول الله: ما زادنا على مقالته الأولى، وأخبث. فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» ارجعوا إليه «، فرجعوا إليه، فبينما هم عنده ينازعونه ويدعونه، وهو يقول هذه المقالة، إذا ارتفعت سحابة، فكانت فوق رءوسهم، فرعدت، وبرقت ورمت بصاعقة؛ فأحرقت الكافر، وهم جلوسٌ، فجاءوا يسعون؛ ليخبروا رسول الله صلى الله عليه سلم؛ فاستقبلهم قومٌ من أصحاب رسول الله صلى لله عليه وسلم فقالوا:» احْترَقَ صَاحبُكُم «فقالوا: من أين علمتم؟ فقالوا: أوحى الله إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ {وَيُرْسِلُ الصواعق فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي الله وَهُوَ شَدِيدُ المحال} .

قوله: {وَهُوَ شَدِيدُ المحال} هذه الجملة حال من الجلالة الكريمة، ويضعف استنأفها.

وقأ العام: بكسر الميم وهو القوَّة والإهلاكُ.

قال عبد المطلب: [الكامل]

٣١٧٢ - لا يَغْلبَنَّ صَلِبُهُمْ ... ومِحَالُهُمْ عَدواً مِحَالَك

وقل الأعشى: [الخفيف]

٣١٧٣ - فَرْغُ نَبْغٍ يَهتزٌ في غُصُنِ المَجْدِ ... عَظيمُ النَّدى شديدُ المحالِ

والمحال أيضاً: أشدُّ المكايدة، والممكارة، يقال: ما حله، ومنه تمحَّل فلان بكذا أي: تكلَّف له استعمال الحيلة.

وقال أبو زيدٍ: هو النِّقمةُ. وقال ابن عرفة: هو الجدالُ، وفيه على هذا مقابلة معنوية كأنه قيل: وهم يجادلون في الله، وهو شديد المحالِ.

وقال عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: شديد الأخذ.

وقال ابن عباسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه شديد المحال. وقال الحسن: نشديد الحقدِ.

قالوا: وهذا لايصح للحقد؛ لأن الحقد لا يمكن في حق الله تعالى إلَاّ أنَّه تقدم أنَّ أمثال هذه الكلمات إذا وردت في حقِّ الله تعالى فإنَّها تحمل على نهايات

<<  <  ج: ص:  >  >>