قال عليُّ: دَعْوةُ الحقِّ: التَّوحيد. وقال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل: الدُّعاء بالإخلاص عند الخوف، فإنَّه لا يدعى فيه إلا أياه «، كما قال:{ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَاّ إِيَّاهُ}[الإسراء: ٦٧] .
قال الماورديُّ: وهو أشبه لسياق الآية؛ لأنه قال:{والذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ} يعنى الأصنام: {لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ} ، أي لا يجيبون لهم دعاء، ولا يسمعون لهم نداء.
{إِلَاّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى المآء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ} . ضرب الله عزَّ وجلَّ الماء مثلاً لما يأتيهم من الإجابة لدعائهم.
قوله:{والذين يَدْعُونَ} يجوز أن يراد ب «الَّذينَ» المشركون، فالواو في:«يَدعُونَ» عائدة، ومفعوله محذوف، وهو الأصنام، والواو في «لا يستجيبون» عائدة على مفعول «تَدْعَونَ» المحذوف، وعاد عليه الضمير كالعقلاء لمعاملتهم إيّاه معاملتهم، والتقدير: والمشركون الذي يدعون الأصنام لا تستجيب لهم الأصنام وإلا استجابة كاستجابة باسط كفيه أي: كاستجابة الماء من بسط كفيه إليه يطلب منه أن يبلغ فاه، والماء جماد، ولا يشعر ببسط كفيه، ولا بعطشه، ولا يقدر أن يجيبه، ويبلغ فاه، قال معناه الزمخشريُّ.
وما ذكره أبو البقاء قريب من هذا، وقدر التقدير المذكور، قال:«والمصدر في هذا التقدير مضاف إلى المفعول، كقوله:{لَاّ يَسْأَمُ الإنسان مِن دُعَآءِ الخير}[فصلت: ٤٩] وفاعل هذا المصدر مضمر، وهو ضمير الماءِ أي: لا يجيبونهم إلا كما يجيب الماء باسط كفيه إليه، والإجابة هنا كناية عن الانقياد» .
وقيل: ينزلون في قلَّة فائدة دعائهم لآلهتهم منزلة من أراد أن يغرق الماء بيده؛ ليشرب، فيبسطها ناشراً أصابعه، ولم تصل كفاه إلى ذلك الماء، ولم يبلغ مطلوبه من شربه.
قال الفراء: المراد بالماء هاهنا: البئر؛ لأنَّها معدن الماءِ، ويجوز أن يراد ب «الَّذينَ»