للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: {إِلَاّ فِي ضَلَالٍ} ؛ في ضياع لا منفعة فيه؛ لأنَّ الله لم يجبهم، وإن دعوا الآلهة لم تستطع إجابتهم.

قوله: {وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض} الآية في المراد بهذا السجود قولان:

أحدهما: السجود بوضع الجبهة على الأرض، وعلى هذا القول، ففيه وجهان: د

أحدهما: أنَّ اللفظ، وإن كان عامًّا إلا أنَّ المراد المؤمنون، فبعضهم يسجدُ لله طوعاً بنشاط، وبضعهم يسجد لله كرهاً لصعوبة ذلك عليه، ويتحمل مشقَّة العبادة.

وقيل: المراد بقوله: «طَوعاً» الملائكة، والمؤمنون، و «كَرْهاً» المنافقون، والكافرون الذين أكرهوا على السجود بالسَّيف.

والثاني: أنَّ اللفظ عام.

فإن قيل: ليس المراد: {مَن فِي السماوات والأرض} يسجد لله؛ لأن الكفَّار لا يسجدون.

فالجواب من وجهين:

الأول: أن المعنى أنه يجب على كلٍّ من في السموات، والأرض أن يعترف بعبودية الله، كما قال: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله} [الزمر: ٣٨] .

والقول الثاني: أنَّ السُّجود عبارة عن الانقياد، والخضوع، وترك الامتناع، كلُّ من في السموات، والأرض ساجد لله بهذا المعنى؛ لأنَّ قدرته، ومشيئته نافذة في الكُل.

قوله: {طَوْعاً وَكَرْهاً} إمَّا معفول من أجله، وإمَّا حال، أي: طائعين، كارهين وإمَّا منصوب على المصدر المؤكد بفعل مضمر.

قوله: {وَظِلالُهُم بالغدو والآصال} قرأ أبو مجلز: والإيصال، بالياء قبل الصَّاد وخرَّجها ابن جني على أنه مصدر «آصل» ، كضارب، أي: دخل في الأصيل، كأصبح أي: دخل في الصَّباح، و «ظِلالُهمْ» عطف على «من» ، و «بِالغُدوِّ» متعلق ب «يَسْجدُ» والباء بمعنى «فِي» ، أي: في هذين الوقتين.

قال المفسرون: كل شخص سواء كان مؤمناً، أو كافراً فإنَّ ظله يسجد لله.

قال مجاهد: ظل المؤمن يسجد لله طوعاً، وهو طائع، وظل الكافر يسجد لله كرهاً وهو كاره.

وقال الزجاج: «جاء في التفسير أن الكافر يسجد لغيرِ الله، وظله يسجد لله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>