فهمز، فقال: «لَسْتُ بِنَبِيءِ الله» فهمز ولَكِنِّي نَبِيُّ اللهِ، ولم يهمز، فأ، كر عليه الهمز.
قال: وقال لي أبو عبيدة: العرب تبدل الهمزة في ثلاثة أحرف: «النبيّ والبَرية والخَابِية» وأصلهن الهَمْز.
قال أبو عبيدة: ومنها حرف رابع: «الذُّرِّيَّة» من ذَرأَ يَذْرَأ، ويدلّ عل أن الأصل الهمز قال سيبويه: [إنهم] كلّهم يقولون: تنبأ مُسَيْلمة فيهمزون.
وبهذا لا ينبغي أن ترد به قراءة هذا الإمام الكبير، أما الحديث فقد ضعفوه.
قال ابن عطيةك ومما يقوي ضعفه أنه لما أنشده العَبَّاس: [الكامل]
٥٤٦ - يَا خَاتضمَ النُّبَآءِ ... ... ... ... . ..... ... ... ... ... ... ... . .
لم ينكره، ولا فرق بين الجمع والواحد، ولكن هذا الحديث قد ذكره الحاكمك في «المستدرك» وقال: هو صحيح على شرط الشَّيخين، ولم يخرجاه.
فإذا كان كذلك فليلتمس للحديث تخريجٌ يكون جواباً عن قراءة نافع، على أنّ الَطْعِيٌ لا يُعَارَضُ بالظني، وإنما يذكر زيادة فائدة.
والجواب عن الحديث: أنّ أبا زيد حكى: نَبَأْتُ من أرض كذا إلى أرض كذا، أي: خرجت منها إليها فقوله: «يا نبيء الله» بالهمز يوهم يا طَرِيدَ الله الذي أخرجه من بلده إلى غيره، فَنَهَاه عن ذلك لإيهامه ما ذكرنا، لا لسبب يتعلّق بالقراءة.
ونظر ذلك نهيه المؤمنين عن قولهم: {رَاعِنَا} [البقرة: ١٠٤] لما وجدت اليهود بذلك طريقاً إلى السَّب به في لغتهم، أو يكون حضَّا منه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ على تَحَرِّي أفصح اللغات في القرآن وغيره، وأما من لم يهمز، فإنه يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه من المهموز، ولكن [خفف] ، وهذا أولى ليُوافق القراءتين، ولظهور الهمز في قولهم: تنبأ مسليمة: «يا خاتم النُّبَآء ... . .» .
والثاني: أنه أصل آخر بنفسه مشتقّ من «نَبَا يَنْبُو» : إذا ظهر وارتفع، ولا شَكَ أن رتبة النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ مرتفعة، ومنزلته ظاهرة بخلاف غيره من الخَلْقِ، والأصل: «نبيو وأنبواء» ، فاجتمع الياء ولواو: وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء ك «ميت» في «ميوت» ، وانكسر ما قبل الواو في الجمع فقلبت ياء، فصار: أنبياء.
والواو في «النبوة» بدل من الهمزة على الأول، وأصل بنفسها على الثّاني، فهو «فعيل» بمعنى «فاعل» ، أي: ظاهر مرتفع، أو بمعنى مفعول أي: رفعه الله على خَلْقِهِ، أو يكون مأخوذاً من النبي الذي هو الطريق، وذلك أن النبي طريق الله إلى خلقه، به