للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا «فِي النَّار» ففيه وجهان:

أحدهما: أنَّه متعلق ب «تُوقِدُونَ» وهو قول الفارسي، والحوفي، وأبي البقاء.

والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوف، أي: كائناً، أو ثابتاً، قاله مكيٌّ، وغيره ومنعوا تعلُّقه ب «يُوقِدُونَ» ؛ لأنهم زعموا أنَّه لا يوقد على الشَّيء إلا وهو في النَّار، وتعليق حرف الجر ب «تُقِدُونَ» يقتضي تخصيص حال من حال أخرى، وهذ غيرُ لازمٍ.

قال أبو علي رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى: وقد يُوقَدُ على الشَّيء، وِإن لم يكن في النَّار، كقوله تعالى: {فَأَوْقِدْ لِي ياهامان عَلَى الطين} [القصص: ٢٨] فالطينُ لم يكن [فيها] ، وإنَّما يصيبه لهبها، وأيضاً: فقد يكون ذلك على سبيل التَّوكيد، كقوله تعالى: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨] . والمراد بالحيلةِ: الذهب، والفضة، والمتاع: كل ما يتمتع به.

قوله: «ابْتِغاءَ حِليَةةٍ» فيه وجهان:

أظهرهما: أنه مفعول من أجله.

والثاني: أنه مصدر في موضع الحالِ، أي: مبتغين حلية، و «حِليَةٍ» مفعولٌ [في] المعنى، «أوْ مَتاعٍ» نسق على «حِيلْيةٍ» .

فالحِليَةُ: ما تتزين به. والمتَاعُ: ما يقضون به حوائجهم كالمساحي من الحديد ونحوها.

قوله: «جُفَاءً» حالٌ، والجفاء: قال ابن الأنباري: المتفرق، يقال: جفأتِ الرِّح السَّحاب، أي: قطعته وفرقته، وقال الفراء: الجفاءُ: الرَّمي، والاطراحُ.

يقال: جَفَا الوادي، أي: غُثَاءه يجفوهُ: جفاءً، إذا رماه، والجفاء اسم للمجتمع منه [المنضمّ] بعضه إلى بعض، ويقال: جفَأتِ القِدرُ بزُبْدِهَا تَجْفَأ، وحفاءُ السَّيل: زبده، وأجْفَأ وأجْفَلَ وباللام قرأ رؤبة بن العجاج.

قال أبو حاتم: لا يقرأ بقراءة رؤبة؛ لأنَّه كان يأكل الفأر، يعني أنه أعرابي جاف وقد تقدم ثناء الزمخشري عليه أوَّل البقرة، وذكروا فصاحته، وقد وجَّهوا قراءته بأنها من أجفأت الرِّح الغيم، أي: فرقته قطعاً، فهي في المعنى كقراءة العامة بالهمزة.

وفي همزة «جَفَأ» وجهان:

أظهرهما: أنها أصل لثبوتها في تصاريف هذه المادة.

والثاني: أنه بدل من واو، وكأنه مختار أبي البقاء.

وفيه نظر؛ لأن مادة «جَفَا يَجْفُو» لا يليقُ معناها، والأصل: عدم الاشتراك.

فصل

المعنى: أنَّ الباقي الصَّافي من هذه الجواهر مثل الحق، والزَّبد الذي لا ينتفعُ به

<<  <  ج: ص:  >  >>