قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما:«يدفعون بالصَّالح من العمل السيّىء من العمل، وهو معنى قوله تعالى:{إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات}[هود: ١٤] .
وقال صلوات الله وسلامه عليه لمعاذ بن جبلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه:» إذا عَملْتَ سَيِّئةً فاعْمَلْ بِجَنْبهَا حَسَنةً تَمْحُهَا، السِّرُّ بالسِّرِّ، والعَلانيةُ بالعَلانِيَة «.
وقيل: لا تقابلوا الشَّر بالشَّر، بل قابلوا الشَّر بالخير، كما قال تعالى:{وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً}[الفرقان: ٧٢]{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلَاماً}[الفرقان: ٦٣] قال الحسن: إذا حرموا أعطوا، وإذا ظلموا عفوا، وإذا قطعوا وصلوا.
قال عبد الله بن المبارك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه:» فهذه ثماني خلال مشيرة إلى ثمانية أبواب الجنَّة «.
واعلم أنَّ هذه القيود هي القيودُ المذكورة في الشَّرط، وأمَّا القيودُ المذكورة في الجزاء، فهي قوله تعالى:{أولئك لَهُمْ عقبى الدار} ، أي عاقبة الدار، وهي الجنَّة.
قال الواحديُّ:» العُقْبَى كالعاقبة، ويجوز أن يكون مصدراً كالشُّورى والقُربى والرُّجعى، وقد يجيء مثل هذا أيضاً على «فَعْلَى» كالنَّجْوى والدَّعوى وعلى «فِعْلَى» كالذِّكرى والضِّيزى، ويجوز أن يكون اسماً وهو هاهنا مصدر مضاف إلى الفاعل، والمعنى: أولئك لهم أن تعاقب أحوالهم الدار التي هي الجنة «.
قوله:» أؤْلئِكَ «مبتدأ، و» عُقْبَى الدَّارِ «يجوز أن يكون مبتدأ خبره الجار قبله والجملة خبر» أوْلئِكَ «، يجوز أن يكون» لهم «خبر» أولئك «و» عقبى «فاعل بالاستقرار. قوله:» جنات عدن «يجوز أن يكون بدلاً من» عُقْبَى «وأن يكون بياناً، وأن يكون خبر مبتدأ مضمر، وأن يكون متبدأ خبره» يَدْخُلونهَا «.
وقرأ النخعي:» جَنَّة «بالإفراد، وتقدم الخلاف في {يَدْخُلُونَهَا}[الرعد: ١٣] والجملة من» يَدْخُلونَهَا «تحتمل الاستئناف أو الحالية المقدرة.
قوله:» ومَنْ صَلَحَ «يجوز أن يكون مرفوعاً عطفاً على الواو، وأغنى الفصل بالمفعول عن التأكيد بالضمير المنفصل، وأن يكون منصوباً على المفعول معه، وهو مرجوح.