للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نبياً حقاً من عند الله، ولما شكوا في أنهم أتوا بالطاعات كاملة فيوجب حصول الوجل في قلوبهم.

وثالثها: أنه حصل في قلوبهم أنهم هل أتوا بالطاعات الموجبة للثواب أم لا؟ وهل احترزوا عن المصعية الموجبة للعقاب أم لا؟ .

وقيل: الوجل عند ذكر الله: الوعيد والعقاب، الطمأنينة عند ذكر الله عزّ وجل: الوعد والثواب، فالعقاب توجل إذا ذكرت عدل الله وشدة حسابه، وتطمئن إذا ذكرت فضل الله وكرمه {أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب} تسكن قلوب المؤمنين ويستقر فيه اليقين.

قال ابن عباس رَحِمَهُ اللَّهُ: «هذا في الحلف، يقول: إذا حلف السملم بالله على شيء تسكن قولب المؤمنين إليه» .

قوله {بِذِكْرِ الله} يجوز أن يتعلق ب «تَطْمئِنُّ» فتكون الياء سببية، أي: بسبب ذكر الله.

وقال أبو البقاء: ويجوز أن مفعولاً به، أي: الطمأنينة تحصل لهم بذكر الله.

الثاني: أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من «قلوبهم» ، أي: تطمئن وفيها ذكر الله.

قوله: {الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} فيه أوجه:

أن يكون بدلاً من «القُلوب» على حذف مضاف أي: قلوب الذين أمنوا وأن يكمون بدلاً من «مَنْ أنَابَ» ، وهذا على قول من لم يجعل الموصول الأول بدلاً من «مَنْ أنَابَ» وإلا كان يتوالى بدلان، وأن يكون مبتدأ، و «طُوبَى» جملة خبرية، وأن تكون خبر مبتدأ مضمر، وأن يكون منصوباً بإضمار فعل، والجملة من «طُوبى لَهُمْ» على هذين الوجهين حال مقدرة، والعامل فيها ءامَنُوا «و» عَمِلُوا:.

قوله «طُوبى لَهُم» وتاو «طُوبَى» منقلبة عن ياء، لأنها من الطيب وإنما قلبت لأجل الضمة قبلها، كموسر وموقن من اليسر واليقين واختلفوا فيها، فقيل: هي اسم مفرد مصدري، كبُشْرَى ورُجْعَى من طَابَ يطِيبُ.

وقيل: بل هي جميع طيبة، كما قالوا: كوسى في جمع كيسة، وضُوقَى في جمع ضِيقَة.

ويجوز أن يقال: طِيبى، بكسر الباء، وكذلك الكِيسَى والضِّيقَى. وهل هي اسم شجرة بعينها أو اسم للجنة بلغة الهند أو الحبشة؟ .

وجاز الابتداء ب «طُوبَى» إما لأنها علم لشيء بعينه، وإما لأنها نكرة في معنى الدعاء، كسلام عليك، وويل لك، كذا قال سيبويه.

وقال ابن مالك رَحِمَهُ اللَّهُ: «إنه يلتزم رفعها بالابتداء، ولا يدخل عليها نواسخه»

<<  <  ج: ص:  >  >>