ونقل عن الفراء: جواب «لو» هي الجملة من قوله {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بالرحمن}[الرعد: ٣٠] وفي الكلام تقديم وتأخير وما بينهما اعتراض، وتقدير الكلام: وهم يكفرون بالرحمن لو أن قرآناً سيرت به الجبال كأنه قيل: لو سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم الموتى به لكفروا بالرحمن ولم يؤمنوا لما سبق من علمنا فيهم، كقوله:{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملاائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ ليؤمنوا}[الأنعام: ١١١] وهذا في الحقيقة دال على الجواب.
وإنما حذفت التاء شفي قوله {أَوْ كُلِّمَ بِهِ الموتى} وثبتت في الفعلين قبله؛ لأنه من باب التغليب، لأن الموتى تشمل المذكر والمؤنث.
قوله {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الذين آمنوا} أصل اليأتس: قطع الطمع عن الشيء والقنوط منه، واختلف الناس فه ههنا، فقال بعضهم هو هنا على بابه، والمعنى أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان الكفار من قريش، وذلك أنهم لما سألوا هذه الآيات طمعوا في إيمانهم وطلبوا نزول هله الآيات ليؤمن الكفار، وعلم الله أنهم لا يؤمنون فقال: أفلم ييأس الذين آمنوا من آيات الكفار، أي: ييأس من إيمانهم قال الكسائي.
وقال الفراء:«أوقع الله للمؤنين أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً فقال: أفلم ييأسوا علماً» يقول: يؤيسهم العلم، فكان فيهم العلم مضمراً كما تقول في الكلام:«يئست منك إن لا تفلح» كأنه قال: علمه علماً، قال: فيئست بمعنى علمت، وإن لم يكن سمع فإنه يتوجه لذلك بالتأويل «.
وقال ابن عطية: ويحتمل أن يكون اليأس في هذه الآية على بابه وذلك لأنه لما أبعد إيمانهم في قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ} على [التأويلين] في المحذوف المقدر، قال في هذه الآية» أفلمْ يَيْأسٍ «المؤمنون من إيمان هؤلاء علماً منهم {أَن لَّوْ يَشَآءُ الله لَهَدَى الناس جَمِيعاً} .
وقال الزمخشري:» ويجوز أن يتعلق {أَن لَّوْ يَشَآءُ الله} ب «آمَنَوا» على أو لو يقنط عن إيمان هؤلاء الكفرة الذين آمنوا بأن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ولهداهم «.
وهذا قد سبقه إليه أبو العباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
وقال أبو حيان: ويحتمل عندي وجه آخر غير الذي ذكروه، وهو: أن الكلام تام