كون الخبر مقابلاً للمبتدأ، وقد جاء مبيناً، كقوله {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَاّ يَخْلُقُ}[النحل: ١٧]{أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحق كَمَنْ هُوَ أعمى}[الرعد: ١٩] .
والمعنى: أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت، أي: حافظها ورازقها وعالم بها ومجازيها بما علمت، وجوابه محذونف، تقديره: كمن ليس بقائم بل عاجز عن نفسه.
قوله {وَجَعَلُواْ للَّهِ} يجوز أن يكون استئنافاً، وهو الظاهر، جيء به للدلالة على الخبر المحذوف كما تقدم تقريره.
وقال الزمخشري:«يجوز أن تقدر ما يقع خبر للمبتدأ ويعطف عليه:» وجَعَلُوا «وتمثيله: أفمن هو بهذه الصفة لم يوحدوه» جعلوا لهُ «وهو الله تعالى أي: وهو الذي يستحق العبادة» .
قال أبو حيان:«وفي هذا التوجيه إقامة الظاهر مقام المضمر في قوله تعالى {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ} أي: له، وفيه حذف الخبر غير المقابل، وأكثر ما جاء الخبر مقابلاً» .
وقيل: الواو للحال، والتقدير: أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت موجودة والحال أنهم جعلوا له شركاء، فأقيم الظاهر وهو «اللهُ» مقام المضمر تقريراً للإلهية وتصريحاً بها، قاله صاحب العقد.
وقال ابن عطية:«ويظهر أن القول مرتبط بقوله {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ} كان التقدير: أفمن له القدرة والوحدانية، ويجعل له شريك أهل ينتقم ويعاقب أم لا؟» .
وقيل:«وَجَعلُوا» عطف على «استُهْزِىءَ» بمعنى: وقد استهزؤوا وجعلوا.
وقال أبو البقاء:«هو معطوف على» كَسبَتْ «أي: ويجعلهم لله شركاء» ولما قر هذه الحجة زاد في الحجاج فقال: «قُلْ سمُّوهُمْ» وإنما يقال ذلك في الأمر المستحقر الذي بلغ في الحقارة إلى ألا يذكر، ولا يوضع له اسم فعند ذلك يقال: سمه إن شئت، يعني أنه [أخس] من أن يسمى ويذكر، ولكن إن شئت أن تضع له أسماً فافعل، وقيل:«سموهم» : أي: صفوهم، ثم انظروا: هل هي أهلٌ أن تعبد؟ على سبيل التهديد، والمعنى: سواء سيمتموهم باسم الآلهة أو لم تسموهم فإنها في الحقارة بحيث لا تستحق أن يلتفت العاقل إليها، ثم زاد في الحجاج.
قوله {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ}«أمْ» هذه منقطعة مقدرة ب «بل» والهمزة والاستفهام للتوبيخ بل أتنبؤنه شركاء لا يعلمهم في الأرض ونحوه {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السماوات وَلَا فِي الأرض}[يونس: ١٨] فجعل الفاعل ضميراً عائداً على الله، والعائد على «ما» محذوف تقديره: بما لا يعلمه الله، وقد تقدم في تلك الآية: أن الفاعل ضمير يعود على «ما» وهو جائز هنا أيضاً.