غافر {وَصُدَّ عَنِ السبيل}[غافر: ٣٧] كذلك، وابقي السبعة مبنيّين للفاعل، و «صد: جاء لازماً ومتعدياً، فقراءة الكوفية من التعدي فقط، وقراءة الباقين: يحتمل أن تكون من المتعدي ومفعوله محذوف، أي: صدوا غيرهم أو أنفسهم، وأن يكون من اللازم، أي: أعرضوا وتولوا.
وقد تقدم. فأما قراءة المبني للمعفول، فعند أهل السنة: أن الله صدهم. المعتزلة وجهان:
قيل: الشيطان وبعضهم لبعض، هو قول أبي مسلم رَحِمَهُ اللَّهُ. ومن فتح الصاد: يعني الكفار أعرضوا إن كان لازماً، وصدوا غيرهم إن كان متعدياً. وحجة القراءة الأولى مشاكلتها لما قبلها من بناء الفعل للمفعول، وحجة القراءة الثانية قوله جل ذكره {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ}[محمد: ١١] ثم مقال: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} .
وتمسك أهل السنة بهذه الآية من وجوه: أحدها: قوله {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ} وقد تقدم بالدليل أن المزين هو الله تعالى. وثانيها: قوله {وَصُدُّواْ عَنِ السبيل} بضم الصاد، وبينا ِأيضاً أن ذلك الصاد هو الله تعالى.
وثالثها: قوله سبحانه وتعالى: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} ، وهو صريح في المقصود، ثم قال تعالى:{لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الحياة الدنيا} بالقتل والأسر {وَلَعَذَابُ الآخرة أَشَقُّ} أي: أشد {وَمَا لَهُم مِّنَ الله مِن وَاقٍ} مانع يمنعهم من العذاب. وقال الواحي: أكثر القراء وقفوا على القاف من غير إثبات ياء، مثل قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}[غافر: ٣٣] وكذلك {مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ}[الرعد: ٣٧] وهو الوجه؛ لأنه يقال في الوصل:» هادٍ ووالٍ وواقٍ «محذوف الياء لسكونها والتقائها مع التنوين، فإذا وقفت انحذف التنوين في الوقف في الرفع والجر، والياء [كانت] انحذفت ف يالوصل فيصادف الوقف الحركة التي كسرت فتحذف كما يحذف سائر الحركات التي يوقف عليها، فيقال:» هَاد «و» وَال «و» وَاق «.
وابن كثير يقف بالياء، ووجهه ما حكى سيبوبه: أن بعض من يوثق به من العرب يقفون بالياء، وقد تقدم.