أسمر» خبراً عن الصفة، وإنما يتاول «تَجْرِي» على إسقاط «أن» ورفع الفعل، والتقدير أن تجري، أي: جريانها «.
وقال الزجاج:» مثلُ الجنَّةِ «» جنة «على حذف المضاف تمثيلاً لما غاب بمان نشاهده.
ورد عليه أبو علي قال:» لا يصح ما قال الزجاج لا على معنى الصفة ولا على معنى الشبه؛ لأن الجنة التي قدرها جثَّة ولا تكون الصفة، ولأن الشبه عبارة عن المماثلة بين المتماثلين وهوحدث والجنة جثة فلا تكون [المماثلة]«.
والجمهور على أن المثل هنا بمعنى الصفة، فلس هنا ضرب مثل، فهو كقوله تعالى:{وَلِلَّهِ المثل الأعلى}[النحل: ٦٠] ، وأنكر أبو علي أن يكون بمعنى الصفة، وقال: معناه: الشبه.
وقرأ علي وابن مسعود» أمْثَالُ الجنَّةِ «، أي: صفاتها وقد تقدم خلاف القراء فيه في البقرة.
فصل
اعلم أنه تعالى وصف الجنة بصفات ثلاث:
أولها:{تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} .
وثانيها:{أُكُلُهَا دَآئِمٌ} أي: لا ينقطع ثمرها ونعيهما بخلاف جنات الدنيا.
و «أكلها دائم» كقوله: «تجري» في الاستئناف التفسيري، أو الخبري، أو الحالية، وقد تقدم.
وثالثها: ظلها ظليل لا يزول، أي: ليس هناك حر ولا برد ولا شمس ولا قمر ولا ظله نظيره قوله تعالى: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً}[الإنسان: ١٣] وهذا رد على الجهمية حيث قالوا: نعيم الجنة يفنى.
ولما وصف الجنة بهذه الصفات الثلاث، بين أن تلك عقبى المتقين، أي: عاقبتهم، يعنى الجنة، وعاقبة الكافرين النار.
قوله:{والذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب} يعنى القرآن وهم أصحاب محمد صلوات الله وسلامه عليه {يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ} من القرآن {وَمِنَ الأحزاب} أي: الجماعات، يعني الكفار الذين تحزبوا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من اليهود والنصارى {مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ} هذا قول الحسن وقتادة.