وقوله: «ويسقى» صفة معطوفة على الصفة قبلها. عطف جملة فعلية على اسمية فإن جعلت الصفة الجار وحده، وعلقته بفعل كان من عطف فعلية على فعلية.
وقيل: عطف على محذوف، أي: يلقى فيها، ويُسْقَى.
و «وَرَاءِ» هنا على بابها، وقيل بمعنى أمام، فهو من الأضداد، وهذا عنى الزمخشري بقوله: «مِنْ بَيْنِ يَديْهِ» وأنشد: [الوافر]
٣٢٠٠ - عَسَى الكَرْبُ الَّذي أمْسَيْتُ فِيهِ ... يَكونُ وَراءَهُ فَرجٌ قَرِيب
وهو قول أبي عبيدة وابن السِّكيت، وقطرب، وابن جريرٍ؛ وقال الشاعر في ذلك: [الطويل]
٣٢٠١ - أيَرْجُو بنُو مَرْوان سَمْعِي وطَاعتِي ... وقَوْمُ تَميمٍ والفَلاةُ وَرَئِيَا
أي: قُدَّامي؛ وقال الآخر: [الطويل]
٣٢٠٢ - أليْسَ وَرائِي إنَّ تَراخَتْ مَنيَّتِي ... لزومٌ العَصَا عليْهَا الأصابِعُ
وقال ثعلب: هو اسم لما توارى عنك سواء كان خلفك، أم قدامك فيصح إطلاق لفظ الوراء على الحذف وقدام، ويقال: المَوْتُ وراء كُلُّ أحدٍ، وقال تعالى: {وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: ٧٩] أي: أمامهم.
وقال ابن الأنباري: وراء بمعنى بعد، قال الشاعر: [الطويل]
٣٢٠٣ - ... ... ... ... ... ... . ... وليْسَ ورَاءَ اللهِ للْخَلْقِ مَهْرَبُ
ومعنى الآية: أنه بعد الخيبة يدخلهم جهنم.
قوله: {مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ} في «صديد» ثلاثة أوجه:
أحدها: أنَّه نعت ل «مَاءٍ» . وفي تأويلان:
أحدهما: أنه على حذف أداة التشبيه، أي: ماء مثل صديد، وعلى هذا فليس الماء