أحدها: أنه بدلٌ من «دَارَ» .
الثاني: أنه عطف بيان لها، وعلى هذين الوجهين؛ فالإحلال يقع في الآخرة.
الثالث: أن ينتصب على الاشتغل بفعل مقدر، وعلى هذا، فالإحلال يقع في الدُّنيا، لأن قوله: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا} أي: واقع في الآخرة.
ويؤيَّدُ هذا التأويل: قراءة ابن أبي عبلة «جَهَنَّمُ» بالرفع على أنها مبتدأ، والجملة بعده الخبر.
وتحتمل قراءة ابن أبي عبلة وجهاً آخر: وهو أن ترتفع على خبر [مبتدأ] مضمر.
و «يَصْلونهَا» حال إمَّا من: «قَوْمَهُمْ» ، وإمَّا من «دَارَ» ، وإمَّا من: «جَهنَّمَ» .
وهذا التوجيه أولى من حيث إنه لم يتقدم ما يرجح النصب، ولا ما يجعله مساوياً والقراء الجماهير على النصب، فلم يكونوا ليتركوا الأفصح؛ إلا لأنَّ المسألة ليست من الاشتغال في شيء، وهذا الذي ذكرناه أيضاً مرجح لنصبه على البديلة أو البيان على انتصابه على الاشتغال.
و «البَوار» : الهلاكُ؛ قال الشاعر: [الوافر]
٣٢١٩ - فَلمْ أرَ مِثْلهُم أبْطالَ حَربٍ ... غَداةَ الرَّوْع إذْ خِيفَ البَوارُ
وأصله من [الكساد] كما قيل: كَسَدَ حتَّى فسَدَ، ولما كان الكَسَاد يُؤدِّي إلى الفَساد والهلاك أطلق عليه البوار.
ويقال: بَارَ يَبُورُ بُوراً وبَوَاراً، ورجُلُ جَائِرٌ بائِرٌ، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً} [الفتح: ١٢] ويحتمل أن يكون مصدراً وصف به الجمع، وأن يكون جمع بائرٍ في المعنى، ومن وقوع «بُور» على الواحد قوله: [الخفيف]
٣٢٢٠ - يَا رسُولُ المَلِيكِ إنَّ لِسَانِي ... رَائِقٌ ما فَتقْت إذْ أنَا بُورُ
أي: هَالِكٌ.
قوله: {وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ} والمراد بهذا الجعل: الحم والاعتقاد، والفعل، والأنداد الأشباه، والشركاء.