للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدها: أنه مجزومٌ بلام محذوفة، تقديره: ليقيموا، فحذفت وبقي عملها، كما يحذف الجار ويبقى عمله، كقوله: [الوافر]

٣٢٢٢ - مُحَمَّدُ تَفْدِ نفْسكَ كُلُّ نَفْسٍ ... إذَا مَا خِفْتَ من شَيءٍ تَبَالا

يريد: لتفدِ.

وأنشده سيبويه إلا أنَّه خصه بالشعرِ.

قال الزمخشري: «ويجوز أن يكون:» يُقِيمُوا، و «يُنْفِقُوا» بمعنى: ليقيموا ولينفقوا، وليكون هذا هو المقولُ، قالوا: وإنَّما جَازَ حذف اللَاّم؛ لأنَّ الأمر الذي هو «قُلْ» عوض منها، ولو قيل: يقيموا الصلاة، وينفقوا بحذف اللَاّم لم يجز «.

ونحا ابنُ مالكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إلى قريب من هذا، فإنَّه جعل محذف هذه اللَاّم على أضربٍ: قليل، وكثير ومتوسط. فالكثير: أن يكمون قبله قول بصيغة الأمر، كلآية الكريمة.

والقليل: ألا يتقدم قول؛ كقوله: [الوافر]

٣٢٣٣ - مُحَمَّدُ تَفْدِ ... ... ... . ..... ... ... ... ... ... ... . .

والمتوسطُ: أن يتقدَّم بغير صيغة الأمر، كقوله: [الرجز]

٣٢٢٤ - قُلْتُ لبَوَّابٍ لَديْهِ دَرُهَا ... تِيذَنْ فإنِّي حَمؤُهَا وجَارُهَا

الثاني: أن» يُقِيمُوا «مجزوم على جواب:» قُلْ «، وإليه نحا الأخفش والمبرد.

وقد رد النَّاس عليهما هذا؛ بأنه لا يلزمُ من قوله لهم: أقيموا أن يفعلوا ذم من تخلف عن هذا الأمر.

وقد أجيب عن هذا: بأنَّ المراد بالبعادِ المؤمنون، ولذلك أضافهم إليه تشريفاً والمؤمنون متى أمروا؛ امتثلوا.

الثالث: أنه مجزومٌ على جواب المقولِ المحذوفِ، تقديره: قل لعبادي أقيموا وأنفقوا، أي: يقيموا وينفقوا، قاله أبو البقاء رَحِمَهُ اللَّهُ وعزاه للمبرّد، كذا ذكره جماعةٌ ولم يتعرّضوا لإفساده، وهو فاسدٌ من وجهين:

أحدهما: أن جواب الشَّرط يخالف الشَّرط إما في الفعل، وإما في الفاعل، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>