وإبن جبير كذلك إلا أنه سكن الياء أراد والده وحده، كقوله {واغفر لأبي} [الشعراء: ٨٦] .
وقرأ الحسين بن علي، ومحمد بن زيد ابنا علي بن الحسين وابن يعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: «ولِولدَيَّ» ودمن ألف، تثنية «وَلد» ، ويعنى بهما: إسماعيل، وإسحاق وأنكرها الجحدري بأن في مصحف أبي «ولأبويَّ» فهي مفسرة لقراءة العامة.
وروي عن ابن يعمر أنه قرأ: «وَلِوُلدِي» بضم الواو، وسكون الياء، وفيها تأويلان:
أحدهما: أنه جمع ولد كأسْد في أسَد.
وأن يكون لغة في الولد، الحُزْنِ والحَزَن، والعُدْمِ والعَدَم، والبُخْلِ والبَخَل، وعليه قول الشاعر: [الطويل]
٣٢٣٤ - فَليْتَ زِيَاداً كَان فِي بَطْنِ أمِّهِ ... وليْتَ زِيَاداً كَانَ وُلْدَ حِمَارِ
وقد قرىء بذلك في مريم، والزخرف، ونوح في السبعة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
و «يَوْمَ» [نصب] ب «اغْفِرْ» .
فِإن قيل: طلب المغفرة إنَّما يكون بعد الذنب، وهو صلوات الله وسلامه عليه كان قاطعاً بأن الله يغفر له، فكيف طلب ما كان قاطعاً بحصوله؟ .
فالجواب: المقصود منه الالتجاء إلى الله، وقطع الطَّمع إلَاّ من فضل الله تعالى وكرمه.
فإن قيل: كيف جاز أن يستغفر لأبويه، كانا كافرين؟ .
فالجواب: من وجوه:
الأول: أن المنع لا يعلم إلا بالتوقيف، فلعله لم يجد [منعاً] ، فظن جوازهن.
الثاني: أراد بالوالدين آدم وحواء صلوات الله وسلامه عليهما.
الثالث: كان ذلك بشرط الإسلام.
فإن قيل: لو كان الأمر كذلك لما كان ذلك الاستغفار باطلاً، ولو لم يكن باطلاً لبطل قوله: {إِلَاّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} [الممتحنة٤] .