فالجواب من وجوه:
الأول: المراد به التثبيت على ما كان عليه من أنه لا يحسب إن كان غافلاً، كقوله تعالى: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المشركين} [الأنعام: ١٤] {وَلَا تَدْعُ مَعَ الله إلها آخَرَ} [القصص: ٨٨] .
والثاني: المقصود منه بيان أنه لو لم ينتقم لكان عدم الانتقام لأجل غفلته عن ذلك الظالم، ولما كان امتناع هذه الغفلة معلوماً للك أحد لا جرم كان عدمُ الانتقام محالاً.
الثالث: أنَّ المراد: ولا تحسبنه يعاملهم الله معاملة الغافل عمَّا يعملون، ولكن معالمة الرَّقيب عليهم المحاسب على النقير، والقطمير.
الرابع: أنَّ هذا الخطاب، وإن كان خطاباً للنبِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في الظاهر إلا أنه خطاب مع الأمَّة.
قال سفيان بن عيينة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: هذا تسلية للمظلوم، وتهديد للظَّالم.
قوله: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ} أي: لأجل يوم، فاللام للعلَّة.
وقيل: بمعنى «إلى» أي: للغاية.
وقرأ العامة «يُؤخِّرهُمْ» بالياء، لتقدم اسم الله تعالى. وقرأ الحسن والسلمي، والأعرج، [وخلائق] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: «نُؤخِّرهُم» بنون العظمة.
ويروى عن أبي عمرو «نُؤخِّرُهمْ» بنون العظمة.
و «تَشْخَصُ» صفلة ل «يَوْمِ» . ومعنى شُخُوصِ البصرِ حدَّةُ النَّظر، وعدم استقراره في مكانه، ويقال: شَخَصَ سَمْعُه، وبَصَرُه، وأشْخَصَهُمَا صَاحِبهُما، وشَخَصَ بَصَره، أي: لم يطرف جفنهُ، وشخوص البصر يدلُّ على الحيرة والدهشة، ويقال: شخص من بلده أي: بعد والشخصُ: سواد الإنسان المرئيّ من بعيد.
قوله: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} حالان من المضاف المحذوف إذا التقدير: أصحاب الأبصار، إذا يقال: شَخَسَ زَيْدٌ بصرهُ، أو تكون الأبصار دلَّت على أربابها فجاءت الحال من المدلول عليه، قالهما أبو البقاءِ.
وقيل: «مُهْطِعين» منصوب بفعل مقدر، أي: تبصرهم مهطعين، ويجوز في «مُقْنِعِي» أن يكون حالاً من الضمير في: «مُهْطِعِينَ» فيكون حالاً، وإضافة: «مُقْنِعِي» غير حقيقة؛ فلذلك وقع حالاً.
والإهْطَاعُ: قيل: الإسرْاعُ في المشيِ؛ قال: [البسيط]