عَنْهما في رواية عنهما:» ونُبيِّنُ «بضمِّ النون الأولى والثانية، مضارع:» بيَّن «، وهو خبر مبتدأ مضمر، والجملة حالٌ، أي: ونحن نبين.
وقرأ السلمي فيما نقل المهدويُّ كذلك إلا أنه سكن النون للجزم نسقاً على» تَكُونُوا «فيكون داخلاً في حيز التقدير.
فصل
والمعنى: عرفتم عقوبتنا إياهم، وضربنا لكم الأمثال في القرآن ممَّا يعلم به أنَّه قادر على الإعادة كما قدر على الابتداء، وقادر على التَّعذيب المؤجَّل كما يفعل الهلاك المعجَّل.
قوله:{وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ} قيل: الضمير عائدٌ إلى الذين سكنوا في مساكن الذين ظلموا أنفسهم.
وقيل: أراد قوم محمد صلى الله عليه سلم لقوله تعالى: {وَأَنذِرِ الناس يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب} يا محمد، وقد مكروا قومك مكرهم وذلك في قوله تعالى {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ}[الأنفال: ٣٠] .
وقيل: المراد من هذا المكر ما نقل: أن نمروذاً حاول الصُّعود إلى السماءِ، فاتَّخذ لنفسه تابوتاً، وربط قوائمه الأربعة بأربعة نسورٍ، وكان قد جوَّعها، وجعل لها في جوانب التابوت الأربعة عصياً، وعلم عليها اللحم، ثم جلس مع صاحب له في التابوت، فلمَّا أبصرت النسور اللحم تصاعدت في الجو ثلاثة أيام، وغابت الدنيا عن عين نمروذ، ثمَّ نكَّس العصيّ التي كان عليها اللحم فهبطت النُّسور إلى الأرض.
قال القاضي رَحِمَهُ اللَّهُ: «وهذا بعيد جدًّا؛ لأنَّ الخطر فيه عظيم، ولا يكاد العاقل يقدم عليه، وما جاء فيه خبر، ولا دليل» .
قال القشيري: وهذا جائزٌ بتقدير خلق الحياةِ في الحبالِ، وذكر الماورديُّ عن بان عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أنَّ النمرود بن كعنان بنى الصَّرح في قرية الرسِّ من سواد الكوفة، وجعل طوله خمسة آلاف ذراع، وخمسة وعشرين ذراعاً، وصعد فيه مع النُّّسور، فلمَّا علم أنه ليس له سبيل إلى السماء اتَّخذ حصناً، وجمع فيه أهله وولده ليتحصن فيه، فأتى الله بنيانه من القواعد، فتداعى الصَّرح علهيم، فهلكوا جميعاً فهذا معنى قوله عزَّ وجلَّ:{وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ} .
قوله:{وَعِندَ الله مَكْرُهُمْ} يجوز أن يكون هذا المصدر مضافاً لفاعله كالأول بمعنى