قال شهاب الدين:«فيؤدّي التقدير إلى أن يبقى التركيب: هذا بلاغ للإنذار والإنذار لا يتأتي فيه ذلك» .
وقرأ العامة:«لِيُنذَرُوا» مبنيًّا للمفعول. وقرأ مجاهدٌ وحميد بن قيس:«ولتُنْذِرُوا» بتاء مضمومة، وكسر الذال كأن البلاغ للعموم، والإنذار للمخاطبين، وقرأ يحيى بن عمارة الدراع من أبيه وأحمد
بن يزيد بن أسيد السلمي «ولِيَنْذَرُوا» بفتح الياء والذال من نَذرَ بالشَّيء، أي: علم به فاستعد له.
قالوا: ولو لم يعرف مصدر فهو ك «عَسَى» ، وغيرها من الأفعال التي لا مصارد لها.
فصل
معنى «لِيُنْذَرُوا» أي: وليخوفوا به {وليعلموا أَنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ} أي: يستدلُّوا بهذه الآيات على وحدانيَّة الله تعالى: {وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الألباب} أي: يتّعظ أولو العقول.
قال القاضي: أول هذه السورة، وأخرها يدلُّ على أنَّ العبد مستقل بفعله إن شاء أطاعه، وإن شاء عصى.
أمَّا أوَّل هذه السورة فقوله تعالى:{لِتُخْرِجَ الناس مِنَ الظلمات إِلَى النور}[إبراهيم: ١] وقد ذكرناه هناك.
وأمَّا آخر السورة فقوله تعالى:{وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الألباب} يدلُّ على أنَّه تعالى إنَّما أنزل هذه السورة، وذكر هذه المواعظ؛ لأجل أن ينتفع بها الخلق؛ ليصيروا مؤمنين مطيعين، ويتركوا الكفر والمعصية، وقد تقدم جوابه.
روى أبو أمامة عن أبي بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ قَرَأ سُورة إبْرَاهِيم أعْطِيَ مِنَ الأجْرِ عَشر حَسناتٍ بِعدَدِ مَنْ عَبدَ الأصْنامَ، ومَنْ لَمْ يَعْبُدهَا» .