ونهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن بيع [المَجْر] وهو بيع ما في بطُونِ الأمَّهاتِ.
قال ابن عابس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما ما هَبَّتْ ريح قَطُّ إلَاّ جَثَا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلى رُكْبتَيْهِ، وقال:«اللَّهُمَّ اجْعلهَا رحْمةتً، ولا تَجْعلهَا عَذاباً، اللَّهُمَّ اجْعَلهَا رِيَاحاً ولا تَجْعلهَا رِيحاً» قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً}[القمر: ١٩] ، {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الريح العقيم}[الذاريات: ٤١] وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقِحَ}[الحجر: ٢٢] وقال تعالى: {يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّرَاتٍ}[الروم: ٤٦] .
قوله تعالى:{فَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} ، قد تقدّم أنَّ الماء: هل ننزل من السماء أو من السحاب.
وقوله:{فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} ، قال الأزهريُّ:«تَقُولُ العربُ لِكُلِّ ما فِي بُطونِ الأنْعَامِ، ومِنَ السَّماءِ، أو نهْرٍ يَجْري: أسْقَيْتُه، أي: جعلته شَرْباً له، وجعلتُ له منها مَسْقى لشرب أرضه أو ماشيته، فإذا كانت السُّقْيَا لِسقْيهِ، قالوا: سَقاهُ، ولم يقولوا: أسْقَاه» .
ويؤكده اختلاف القراء في قوله:{نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ}[النحل: ٦٦] ، فقرؤا باللغتين، وسيأتي بيانهما في السورة التي بعدها، ولم يختلفوا في قوله:{وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ}[الإنسان: ٢١] ، وفي قوله:{والذي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ}[الشعراء: ٧٩] .
قال أبو علي: سَقَيْتُه حتَّى رَوِيَ، وأسْقَيتهُ نَهْراً، جعلتهُ شُرْباً، وقوله:{فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} جعلناه سُقْياً لكم، وربما قالوا في «أسْقَى» سَقَى؛ كقول لبيدٍ يصفُ سحاباً:[الوافر]
فقوله:«سَقَى قَوْمي» ليس يريد به ما يروى عطاشهم، ولكن يريد رزقهم سَقْياً لبلادهم، يخصبون بِها، وبعيدٌ أن يَسْألَ لِقومِهِ ما يروي العطاش به ولغيرهم ما يخصبون به، فأما سَقَيَا السَّقيَّة، فلا يقال فيها: أسْقاهُ. وأما قول ذي الرُّمة:[الطويل]